كركوك – ايناس الوندي
مكون أصيل بلا ظل سياسي
في قلب مدينة كركوك، حيث تختلط الهويات وتتقاطع الانتماءات، يبرز المكون الكوردي الفيلي كأحد أعرق المكونات العراقية وأكثرها تضحية. لكن هذا المكوّن، الذي قدّم آلاف الشهداء وتعرّض لأبشع حملات التهجير في الثمانينيات، يعيش اليوم على هامش التمثيل السياسي والخدمات، رغم كثافته السكانية في المدينة.
حضور واضح.. بلا تمثيل عادل
يقطن الكورد الفيليون منذ عقود طويلة في أحياء بارزة مثل ساحة الطيران، الماس، تبة، وأطراف عرفة. وتشير تقديرات غير رسمية إلى وجود أكثر من 1,100 أسرة فيلية، أي ما يقارب 6 آلاف نسمة. ورغم هذا التواجد الكبير، لا يملكون أي تمثيل سياسي مستقل في مجلس المحافظة، ولا يشغلون مواقع إدارية تعكس حجمهم الحقيقي.
تهميش مستمر رغم تاريخ التضحية
منذ عقود، قدّم الفيليون تضحيات كبيرة، بدءًا من التهجير القسري ومصادرة الممتلكات في حقبة النظام السابق، وصولًا إلى المشاركة في حماية كركوك وبقية مناطق العراق في أوقات الأزمات. لكن هذه التضحيات لم تُترجم إلى حقوق سياسية أو خدماتية تليق بمكانتهم.
أصوات من قلب المعاناة
يقول أبو علي الفيلي، أحد وجهاء حي ساحة الطيران:
"إحنا مو أقل من غيرنا.. عدنا شهداء وناس مثقفين، بس ليش ما عدنا صوت بمجلس المحافظة؟ لا بالتعيينات ولا بالخدمات.. كلشي ماكو! نريد حقوقنا حالنا حال غيرنا."
وتضيف أم حسين، المقيمة في حي الماس منذ أكثر من 30 عامًا:
"من الثمانينات وإحنا نعاني.. لا تعويضات، لا وظائف. حتى المناسبات مالتنا محد يذكرها. تعبنا من الوعود.
لماذا هذا التهميش؟
يُرجع أحد الباحثين من الكورد الفيلية الأسباب إلى:
1. غياب كيان سياسي مستقل يمثل الكورد الفيليين في الانتخابات.
2. اعتماد الأحزاب الكبرى على إدراج شخصيات فيلية ضمن قوائمها دون منحهم تأثيرًا حقيقيًا.
3. ضعف الضغط المجتمعي بسبب الظروف الاقتصادية.
ويحذّر من أن استمرار هذا التهميش قد يؤدي إلى إقصاء هوية مكوّن أصيل، مما يُضعف التعددية في كركوك.
الحضور الثقافي والاجتماعي.. هوية لم تذبل
رغم التهميش السياسي، يحافظ الفيليون في كركوك على حضورهم الثقافي والاجتماعي من خلال المناسبات القومية والدينية، مثل إحياء يوم الشهيد الفيلي، وتنظيم الأنشطة الاجتماعية التي تعكس تراثهم الغني في الموسيقى والمطبخ واللغة.
مطالب عادلة.. وأمل بالمساواة
يطالب أبناء المكوّن بإنشاء مجلس تمثيلي رسمي، وتخصيص نسبة من التعيينات، وإدراجهم في ملفات المصالحة الوطنية.
"كركوك للجميع، وإحنا جزء من هاي المدينة، مو ضيوف بيها"، يختم أبو علي بحسرة ممزوجة بالأمل.
"ختامًا، يبقى المكون الكوردي الفيلي في كركوك بحاجة ماسّة إلى تمثيل سياسي فعلي يمثّل نفسه بنفسه، بعيدًا ع الإنتماءات والذوبان في الكيانات الأخرى، ليُبرز هويته وتضحياته التي قدّمها على مرّ الزمان، ويستعيد مكانته التي يستحقها ضمن لوحة التنوع الكركوكية."