×

أخر الأخبار

الكورد الفيلية في الكوت: أربعة قرون من الجذور والهوية رغم محاولات المحو

  • 26-07-2025, 12:39
  • 293 مشاهدة

تحقيق – ايناس الوندي

في أحد أزقة حي "كوت أول"، وبين جدران بيوت قديمة تنبعث منها رائحة التاريخ، تعيش عائلات من الكورد الفيليين الذين يصرّون على التمسك بهويتهم رغم تقلبات الزمن، من الدولة العثمانية مرورًا بحملات التهجير البعثية، حتى تحديات اليوم. فما الذي جعل الكوت تُعد واحدة من أهم حواضر الفيلية في العراق؟ وكيف حافظ هؤلاء على جذورهم رغم التهميش والمآسي؟
    جذور تعود لأربعة قرون
يعود الوجود الفيلي في الكوت إلى القرن السادس عشر، تحديدًا إلى عهد ذي الفقار سلطان الفيلّي (1523–1529)، حيث استقرّ أول فوج منهم في منطقة "كوت أول". ومع تعاقب الحقب العثمانية والبريطانية، لعب الفيليون أدوارًا بارزة في التجارة، بناء الطرق، وإنشاء الخانات.
ويقول الباحث المحلي محمد باجلان.:
 "العديد من أحياء الكوت، مثل
خان اللاوند وعكد الأكراد، شُيّدت
بمساهمة تجار فيليين، وكانت لهم
دكاكين وأسواق تمتد على نهردجلة."

 روايات من عمق العوائل الفيلية
في جولة ميدانية داخل "عكد الأكراد"، التقينا الحاج عباس اللاوندي (76 عامًا)، أحد وجهاء العائلات الفيلية، الذي قال:

 "كنا نرتدي زيّنا الكوردي الفيلية
ونُدرّس أبناءنا لغتنا، حتى في
أصعب الظروف. في أيام العيد، ما زلت ألبس الكلّاوش والشروال."
بينما تستذكر السيدة نرجس.ح (65 عامًا) من خان اللاوند:
 "كان يُقال لنا: أنتم فيليون ولكنكم
أهل البلد. احترامنا لم يُفرض، بل
انتزعناه بالحكمة والكرامة."
 التهجير القسري: مأساة لا تُنسى
في 7 أيار 1980، أصدرت حكومة البعث المرسوم 666 القاضي بإسقاط جنسية مئات الآلاف من الكورد الفيليين وتهجيرهم قسرًا إلى إيران. في الكوت، كان المشهد مؤلمًا، إذ اعتُقل الآلاف واختفى آخرون، دون أن يعرف أهلهم مصيرهم حتى اليوم.
ويُقدّر عدد المُهجّرين بين 300,000 إلى 500,000 شخص، غُيّب منهم نحو 15,000 إلى 25,000. كثير منهم كانوا شبابًا دون الـ30 عامًا.
ورغم سقوط النظام في 2003، ما زال عشرات الآلاف من الفيليين – خاصة في الكوت – يعانون من عدم استرجاع ممتلكاتهم، أو إثبات نسبهم في سجلات الجنسية العراقية.
 أرقام وتوزيع سكاني تقريبي
وفقاً لتقارير محلية وأممية:
عدد الكورد الفيليين في العراق يتراوح بين 1.5 إلى 2.5 مليون نسمة.
محافظة واسط، وتحديدًا الكوت، تحتضن ما يُقدّر بـ 200,000 إلى 250,000 فيلي.

في أحياء مثل "كوت أول" و"خان اللاوند"، تصل نسبة الفيلية إلى 20–25٪ من السكان.
 التمثيل العشائري والهوية الاجتماعية
يمتلك الكورد الفيليون في الكوت مشيخة خاصة بهم، معترف بها عشائريًا ومحليًا. إذ رفضوا في العهد العثماني تدخل العرب في اختيار شيوخهم، وأصروا أن يكون القرار نابعًا من داخل المجتمع الفيلي ذاته.
ويقول أحد أحفاد شيخ عشيرة اللاوند:
 "عمي قال لأحد شيوخ بني لام:
شيخنا نختاره بأنفسنا، ولسنا فرعًا
من أحد. هذا كان في زمن كانت الكلمة للعشيرة، لا للدستور."

ثقافة وهوية رغم محاولات الطمس
 
يحافظ الفيليون في الكوت على لهجتهم الكوردية الخاصة (الفيلية)، وطقوسهم الدينية، وزيهم التقليدي، خاصة في المناسبات. كما تنتشر لديهم قصائد شعبية وأمثال باللهجة الفيلية تُتوارث جيلاً بعد جيل.

خلاصة التحقيق: شعب قاوم بصمت

المحورالتوضيح.

الأصول التاريخيةوجود منذ القرن 16؛ نشاط عمراني وتجاري
التهجير القسري مرسوم 666؛ تهجير قسري وسحب الجنسية
العدد السكانينحو 2 مليون بالعراق، ومئات الآلاف بالكوت
التمثيل العشائريمشيخة مستقلة تحظى باعتراف عشائري
الهوية الثقافيةالحفاظ على اللغة، الزي، العادات
الوضع الحاليمعاناة مستمرة لاستعادة الحقوق والجنسية

ختاما .صورة نادرة :
عائلة فيلية من الكوت – خمسينيات القرن الماضي – ترتدي الزي الكوردي التقليدي (الشروال والجراوية)، التُقطت في عيد الأضحى أمام "خان اللاوند". (الصورة محفوظة لدى أحد أحفاد العائلة)