×

أخر الأخبار

قبل مائة وثلاثون عامًا: وثيقة نادرة تُثبت عراقة الكورد الفيليين في العراق

  • 8-02-2025, 00:16
  • 176 مشاهدة


بقلم .ايناس الوندي 

في كثير من الأحيان، يمكن للصورة أن تعبر عن المعنى بشكل أكبر من الكلمات، لكن هذه المرة، الصورة هي أكثر من مجرد تعبير، إنها شهادة تاريخية تُثبت عراقة الكورد الفيليين في العراق. في هذا التقرير، نعرض لكم وثيقة نادرة تتعلق بعقار يعود لعائلة فيلية مشهورة في بغداد، وهي سند عقاري قديم يعود تاريخه إلى عام 1304 هجري، أي ما يعادل 1887 ميلادي، قبل مائة وثلاثون عامًا.

وثيقة نادرة من السجلات العقارية

هذه الوثيقة ليست مجرد سند عقاري تقليدي، بل هي جزء من التاريخ الذي يوثق ارتباط الكورد الفيليين بالعراق. السند العقاري المذكور تم عرضه في المحكمة الجنائية العليا خلال محاكمة رموز النظام البائد في العراق، وكان قد عُرض في جلسة يوم 8 مارس 2009. يُعتبر هذا السند الأقدم في دائرة التسجيل العقاري العراقية، حيث يعود تاريخه إلى (2 مارس 1304 هجري)، وهو ما يعادل شهر آذار في التقويم الميلادي.

130 عامًا من التاريخ

ما يميز هذا السند هو أنه يحمل قيمة تاريخية كبيرة، إذ يعكس حياة الكورد الفيليين في العراق قبل مائة وثلاثون عامًا. فالسند يثبت ملكية عقار يعود إلى أحد أفراد العائلة الفيليّة في بغداد، ويذكر تفاصيل محددة عن حدود العقار باستخدام أسماء أصحاب العقارات المجاورة في تلك الحقبة الزمنية. ففي ظل غياب الخرائط الحديثة، كان يتم تحديد حدود العقارات وفقًا للموقع الجغرافي القريب، حيث كان السند يشير إلى أن حدود العقار كانت "طريق خاص" أو زقاق، بالإضافة إلى بيوت جيران مثل "نجم وعلي" و"داود فيلي وفتاح" و"علي وخميس"

الكورد الفيليون: جزء لا يتجزأ من تاريخ العراق

هذه الوثيقة تبرز أيضًا حقيقة مهمة، وهي أن الكورد الفيليين كانوا جزءًا من تاريخ العراق العريق منذ العصور القديمة. الكورد الفيليون، الذين ينحدرون من المناطق الجبلية الواقعة بين العراق وإيران، يتميزون بتاريخ طويل من الوجود في هذا البلد، حيث تداخلوا مع المجتمعات العراقية الأخرى وشاركوا في بناء حضارة هذا البلد.

الاضطهاد والاستيلاء على الممتلكات

مع مرور الزمن، تعرض الكورد الفيليون لعدة موجات من الاضطهاد، خاصة في السبعينات والثمانينات خلال حكم النظام البعثي في العراق. حيث تم تهجير العديد منهم، كما استُهدِفوا بسبب هويتهم العرقية والسياسية. استولت السلطات على ممتلكات الكورد الفيليين في بغداد والمناطق الأخرى، وتم تجريدهم من حقوقهم المدنية. لكن رغم هذه المحاولات للقضاء على هويتهم، بقي الكورد الفيليون صامدين، وواصلوا النضال للحفاظ على إرثهم.

هذه الوثيقة ليست فقط شهادة قانونية، بل هي رسالة واضحة لكل من يشكك بعراقية الكورد الفيليين. فإذا كانت هذه الوثيقة قديمة، وقد تم توثيق العقارات والحدود وفقًا لنظام الدولة العثمانية، فإن هذا يثبت أن الكورد الفيليين كانوا وما زالوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي للعراق. إن محاولات التشكيك في هويتهم أو تاريخهم لا تمت للواقع بصلة، وهذا السند يُعد شاهدًا على تواصلهم العميق مع هذا الوطن.


إن هذه الوثيقة التاريخية تفتح بابًا لفهم أعمق حول دور الكورد الفيليين في تشكيل هوية العراق. فالتاريخ لا يُمكن تغييره أو محوه، والكورد الفيليون سيظلون جزءًا أصيلًا من هذا الوطن الذي ينتمون إليه.