بقلم .زينب الاركوازي
على مر العقود، كانت المرأة الخانقينية حاضرة بقوة في المشهد الثقافي، رافعة راية النضال والإبداع رغم التحديات التي واجهتها. من النضال السياسي والاجتماعي إلى الأدب والفن والصحافة، تركت بصمات لا تُمحى، وأصبحت نموذجًا للمرأة التي تصنع التاريخ بجرأتها وفكرها وإبداعها.
أيقونات النضال النسوي في خانقين
لم تكن خانقين مجرد مدينة عادية في صفحات التاريخ، بل كانت مهدًا للنساء اللواتي رفضن الصمت والخضوع. الشهيدة ليلى قاسم واحدة من هذه الرموز، حيث وقفت في وجه الطغيان بابتسامة وواجهت الإعدام بإصرار وهي ترتدي زيها الكردي، لتُعرف فيما بعد بـ عروس كردستان.
أما بدرية عرب، فكانت الصوت الثائر في الشارع، قادت المظاهرات النسائية بجرأة، مرددة شعاراتها بثلاث لغات – الكردية والعربية والتركمانية – ضد النظام الحاكم، غير آبهة بالتهديدات، ومتجهة بشجاعة نحو مبنى الحكومة وسط المدينة في انتفاضة خانقين عام 1948.
وفي السياق نفسه، لا يمكن تجاهل اسم المناضلة صفية بني ويس، التي انخرطت في العمل السياسي منذ السبعينيات، متحملة أعباء التنظيم والنضال، حتى أصبحت لاحقًا من القيادات البارزة في الاتحاد الوطني الكردستاني، وأول مسؤولة لمكتب الشهداء.
الأدب.. صوت المرأة الخانقينية
لم يقتصر تأثير المرأة الخانقينية على النضال السياسي فحسب، بل امتد إلى الأدب، حيث كانت أحلام منصور من أوائل الكاتبات الكرديات في خانقين، وقدمت من خلال رواياتها وقصصها القصيرة صورة حية عن المجتمع، موثقةً التحولات السياسية والاجتماعية التي مرت بها المدينة.
ومع التغيرات التي شهدها العراق بعد 2003، برزت أقلام نسائية جديدة في الصحافة، مثل ليلى محمد نوري وإخلاص مجيد، حيث ركزن على قضايا المرأة وهموم المجتمع، بينما تألقت آشتي كمال في مجال الكتابة الأدبية، وساهمت البروفيسورة فاتن علي أكبر في إثراء المعرفة من خلال مؤلفاتها وأبحاثها الأكاديمية. كما شهد المشهد الشعري أسماء بارزة مثل رؤشن سامي، گلدران جلال الجباري، وعواطف رشيد، اللواتي أضفن حسًا نسويًا عميقًا إلى الشعر الكردي والعربي.
المرأة الخانقينية في الإعلام.. صوت لا يخبو
رغم قلة عدد الصحفيات، إلا أن الفترة بين 2004 و2015 شهدت نشاطًا لافتًا للمرأة الخانقينية في الإعلام، حيث برزت أسماء مثل ليلى رحمن، فريال حسين، مروة خالد، دريا خيرالله، شيلان رؤژبياني، سوما سردار، زينوى راوي، وشيرين ميكائيل، واللواتي لعبن دورًا هامًا في الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزيون. لكن مع التحديات الاقتصادية التي أثرت على المؤسسات الإعلامية، تراجع الحضور النسائي في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة.
الفن التشكيلي.. ألوان تعكس قضايا المرأة والمجتمع
لم يكن المشهد الثقافي في خانقين مكتملًا دون حضور المرأة في الفن التشكيلي، فقد برزت أسماء رائدة مثل ابتهال الخالدي، جمانة الزهاوي، سعاد ميكائيل، لبنى أفندي، وإقبال الزهاوي، اللواتي قدمن أعمالًا تعكس قضايا المرأة والمجتمع بأسلوب جريء ومميز. كما شهد جيل الشابات ظهور فنانات موهوبات مثل هاوين عماد، ديانا ماهر، وليندا أمير، اللواتي أثبتن حضورهن في المعارض المحلية والدولية.
المرأة الخانقينية.. بين التحديات والإبداع
رغم كل التحديات، لم تتوقف المرأة الخانقينية عن العطاء في مختلف المجالات الثقافية والفنية، بل واصلت مسيرتها بكل قوة، لتثبت أن الإبداع لا تحده الظروف، وأن صوتها سيظل مسموعًا، سواء عبر الأدب أو الإعلام أو الفن. واليوم، ورغم تراجع الأقلام النسائية في بعض المجالات، لا يزال حضور المرأة في خانقين شاهدًا على قوة إرادتها ورغبتها المستمرة في التغيير والإبداع.