ليلى قاسم الفيلي، رمز النضال السياسي والوطني، تُعد واحدة من أبرز الشخصيات النسائية التي قدمت حياتها في سبيل الحرية والعدالة. وُلدت في فترة مليئة بالصراعات السياسية في العراق، وكرست شبابها للنضال ضد الاستبداد، والدفاع عن حقوق مكونها الكوردي الفيلي. تُعد قصتها مثالاً للتضحية والإصرار في سبيل تحقيق غايات سامية ومجتمع خالٍ من التمييز.
النشأة والخلفية
وُلدت ليلى قاسم الفيلي في مدينة خانقين عام 1952، لعائلة كوردية فيلية تنتمي إلى المكون الفيلي الذي عانى من التهميش والاضطهاد في العراق. نشأت في بيئة مليئة بالتحديات، حيث كان النظام السياسي آنذاك يضيق الخناق على الحريات، وكان الكورد الفيليون يعانون من التمييز القومي والاجتماعي.
منذ صغرها، أظهرت ليلى شجاعة استثنائية واهتماماً عميقاً بالقضايا الوطنية والحقوقية، مما دفعها للانخراط في النشاط السياسي وهي في ريعان شبابها.
النشاط السياسي
انضمت ليلى قاسم إلى "الاتحاد الوطني الكوردستاني"، حيث لعبت دوراً محورياً في النضال السياسي ضد نظام البعث في العراق. كانت واحدة من أبرز الوجوه النسائية التي سعت لتحقيق العدالة الاجتماعية وحقوق مكونات الشعب العراقي.
أهدافها السياسية:
إنهاء التمييز ضد الكورد، ولا سيما الكورد الفيليين.
تحقيق المساواة بين العراقيين بمختلف أعراقهم.
محاربة الاستبداد وتعزيز الديمقراطية.
عملت بجرأة في تنظيم المظاهرات والأنشطة المناهضة للنظام البعثي، مما جعلها هدفاً مباشراً للقمع من قبل السلطات.
الاعتقال والاستشهاد
في ليلة 29 أبريل 1974، داهمت قوات الأمن العراقية منزل عائلة ليلى في بغداد. تتذكر شقيقتها صبيحة تفاصيل تلك الليلة المأساوية، حيث أُمرت العائلة بالانتظار خارج غرفة نومها بينما كانت ليلى ترتدي ملابسها. وقبل مغادرتها، ودّعت عائلتها قائلة: "يريدوني لأنني كوردية".
نُقلت ليلى إلى مقر الأمن العام، ثم إلى سجن أبو غريب، حيث وُجهت إليها تهمة الإرهاب مع أربعة طلاب كورد آخرين. خضعت ليلى لمحاكمة صورية، افتقرت لأي مظاهر من العدالة.
بعد إصدار حكم الإعدام بحقها، أُعدمت في 12 مايو 1974، لتصبح أول امرأة سياسية تُعدَم في العراق. كشف أفراد عائلتها أن الرئيس المخلوع صدام حسين، الذي كان في ذلك الوقت الرجل الثاني في النظام، عرض عليها التخلي عن نشاطها السياسي والسفر للدراسة في الخارج، لكنها رفضت العرض بشجاعة، متمسكة بمبادئها وقضيتها الكوردية.
غاياتها ودوافعها
كان حلم ليلى أن ترى عراقاً حراً يتساوى فيه الجميع بغض النظر عن العرق أو الدين. كانت تسعى لتحقيق العدالة والمساواة بين جميع العراقيين، وكان هدفها النضال من أجل حقوق المكونات المهمشة وتقديم صوت للمظلومين.
إرثها وتأثيرها
ليلى قاسم الفيلي تظل مصدر إلهام للنساء والشباب في العراق والعالم، حيث تمثل قصتها رمزاً للنضال ضد الظلم والاستبداد، وتجسد معاني التضحية في سبيل الحرية. تُحيي العديد من المنظمات الكوردية والعراقية ذكرى استشهادها سنوياً، ويعتبرها الكورد بطلة قومية.
كانت ليلى مثالاً للمرأة الشجاعة التي كسرت القيود وتصدت للطغيان. نضالها واستشهادها يُلقي الضوء على أهمية التضحية من أجل القضايا العادلة. سيظل اسمها محفوراً في ذاكرة العراق كرمز للمقاومة والصمود.
بغداد – تنوع نيوز
إيناس الوندي