أكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) محمد الحسان، اليوم السبت، أن مهمة البعثة أُنجزت بنجاح، وأن مغادرتها جاءت بناءً على طلب عراقي، وفيما بين أن رفع العقوبات عن المصارف العراقية ضرورة للتنمية المستدامة، أشار الى أن 31 كانون الأول الموعد النهائي لمغادرة بعثة يونامي
وقال الحسان في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، وتابعته وكالة "تنوع نيوز" إن "بعثة يونامي جاءت إلى العراق بطلب من العراقيين، وإن إنهاء عملها جاء أيضًا بطلب منهم"، موضحًا أن "الأمم المتحدة تحترم رغبات الدول التي تستضيف بعثاتها، ولا يمكن أن تعمل أي بعثة دون موافقة الدولة المضيفة واستعدادها للتعاون".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وأضاف أن "العراقيين استضافوا البعثة لأكثر من عقدين، وكان العمل شاقًا، إلا أنهم وجدوا أن المهمة الموكلة إلى يونامي حققت أهدافها، وحان الوقت ليأخذوا الأمور بأيديهم مثلهم مثل بقية دول العالم"، معربًا عن "تمنياته للعراق بالتوفيق والنجاح، وأن الأمم المتحدة مستعدة لمواصلة تقديم المشورة والدعم متى ما احتاج العراق إلى ذلك".
وبيّن الحسان أن "مهمة البعثة أُنجزت بنجاح، ولم يتبقَّ سوى ثلاثة ملفات، تتعلق بالمفقودين من دولة الكويت ورعايا الدول الثالثة منذ فترة الحرب وغزو الكويت، إضافة إلى ملف ممتلكات الكويتيين، والأرشيف الوطني الكويتي"، لافتًا إلى "تحقيق تقدم بسيط خلال الأشهر الماضية، تمثل بتسليم أكثر من 400 صندوق تحتوي على مقتنيات كويتية".
وأوضح أن "ملف المفقودين الكويتيين يُعد ملفًا إنسانيًا، وأن مجلس الأمن أصدر قرارًا تضمن آلية محددة لمتابعة هذه الملفات الثلاثة"، مؤكدًا أن "العراق خرج منذ فترة من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك من الآلية السياسية لمتابعة القضايا السياسية، وأصبح دولة طبيعية مثل بقية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة".
وأشار إلى أن "القضايا الإنسانية تُتابع اليوم ضمن إطار إنساني"، معربًا عن "ثقته بقدرة العراقيين على تحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق".
وفيما يتعلق باليوم الأخير لعمل البعثة، قال الحسان: إن "الاحتفال بإنهاء مهمة يونامي أُقيم بناءً على طلب عراقي، بينما سيكون الانتهاء الفعلي لعمل البعثة في 31 كانون الأول/ديسمبر، وبعد هذا التاريخ سيغادر جميع أعضاء البعثة العراق".
وأوضح أن "ذلك لا يعني انتهاء وجود الأمم المتحدة في العراق، إذ ستبقى من خلال الوكالات المتخصصة، إضافة إلى التواصل بين العراق بصفته عضوًا في مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان"، مؤكدًا أن "المرحلة المقبلة ستشهد تركيزًا على العمل التقني في مجالات المناخ والصحة والتعليم والتكنولوجيا".
وأشار الحسان إلى أن "العراق بحاجة إلى دعم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في عدد من المجالات، من بينها القطاع المصرفي والبنكي"، لافتًا إلى أن "العراق عانى لسنوات طويلة من العقوبات، بما فيها العقوبات الأحادية، وأنه بحاجة إلى تنسيق دولي مع الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي وتركيا والاتحاد الأوروبي".
وبيّن أن "عدد المصارف في العراق يبلغ نحو 72 مصرفًا، منها 38 مصرفًا خاضعة للعقوبات"، مؤكدًا أنه "لا يمكن لأي دولة أن تنطلق في مرحلة اقتصادية وتنموية مستدامة دون رفع هذه العقوبات، مع وجود ملاحظات قد تكون منطقية، وأن العراق اليوم لديه رغبة حقيقية في طي صفحة الماضي والانفتاح على المجتمع الدولي.
وفي تقييمه لأبرز إنجازات بعثة يونامي، قال الحسان: إن "من أهم المحطات تمكين العراقيين من الذهاب إلى صناديق الاقتراع بحرية ودون ضغوط، والتصويت لمن يختارونه لتحديد مستقبلهم"، مشيرًا إلى أن "ذلك يمثل خيار الحرية بيد الشعب العراقي".
وأضاف أن "المجتمع الدولي، ولاسيما التحالف الدولي، وبالتنسيق مع العراقيين وبتضحيات كبيرة كان معظمها من العراقيين، تمكن من القضاء على تنظيم داعش"، مؤكدًا أن "هذا الفكر الإرهابي الذي دمّر العراق ودولًا أخرى لم يعد يشكل خطرًا على البلاد".
وأشار إلى أن "الاستقرار الأمني يمثل الأساس لأي عملية تطور ونمو"، مبينًا أن "العراق وصل اليوم إلى هذه المرحلة"، داعيًا إلى "إعادة النظر في التدابير والعقوبات التي فُرضت سابقًا والتي تؤثر في الحياة الاقتصادية وتنقل العراقيين، بما في ذلك النقل الجوي والتأشيرات".
وأوضح أن العراق "يشهد عودة متزايدة للبعثات الدبلوماسية"، مشيرًا إلى "ما يمتلكه البلد من إمكانات اقتصادية وتنموية وموارد بشرية"، مؤكدًا أن "العراق مقبل على ما وصفه خطة مارشال عراقية – عراقية لإعادة رسم مكانته الحقيقية عربيًا ودوليًا".
وأكد الحسان أن "العراق دولة مؤسسة للأمم المتحدة وسبق أن كان عضوًا في عصبة الأمم"، معربًا عن "إعجابه بتاريخ العراق وشعبه"، ومشددًا على "أهمية الابتعاد عن الطائفية وترسيخ مبدأ المواطنة والمساواة بين جميع العراقيين بمختلف مكوناتهم الدينية والقومية".
وفي ما يتعلق بحقوق المرأة، قال الحسان: إن "المرأة العراقية من أقوى النساء في العالم، وقدمت تضحيات كبيرة خلال الحروب والعقوبات، وكانت سببًا رئيسيًا في صمود المجتمع العراقي"، مؤكدًا أنه "لم يلمس أي موقف سلبي تجاه المرأة من قبل السياسيين العراقيين، بل على العكس، هناك دعم واضح لها".
وأشار إلى أن "قانون الأحوال الشخصية العراقي الذي شُرع في خمسينيات القرن الماضي منح المرأة حقوقًا متقدمة مقارنة بالمنطقة"، مبينًا أن "بعض التراجع في حقوق المرأة كان سببه انعدام الأمن، إلا أن تحقيق الاستقرار يفتح الباب لتحسين أوضاع حقوق المرأة وحقوق الإنسان عمومًا".
وأكد أن "المجتمع الدولي ينبغي أن يقدم النصح للعراقيين بالحسنى وليس بالإكراه"، مشددًا على أن "العقوبات ليست الوسيلة المناسبة للتعامل مع العراق، وأن العراقيين قادرون بأنفسهم على تحسين أوضاع حقوق الإنسان لجميع الفئات".
وختم الحسان حديثه بالتأكيد على "قوة المرأة العراقية في جميع مناطق البلاد"، داعيًا إلى "عدم نسيان أن العراقيين هم ضحايا عصابات داعش الإرهابية"، مشددًا على "أهمية الإسراع بعودة النازحين، ولاسيما الأطفال الإيزيديين، إلى مناطقهم الأصلية في سنجار، وتوفير مقومات الحياة الأساسية لهم، أسوة ببقية أبناء الشعب العراقي من مختلف المكونات".