نيجرفان بارزاني في منتدى العراق طلب بصورة علنية من رئيس الوزراء السوداني التدخل والوساطة بين الحزبين الكرديين (الاتحاد والديمقراطي) لحل الخلافات بينهما و انهاء السجال الاعلامي والسياسي والامني احياناً
تتقافز من بين كلمات رئيس الاقليم ان الخلاف بين الحزبين وصل منسوباً عاليا يقترب شيئاً فشيئاً من الاحتكاك الجسدي بين اجهزتهما الامنية وجماهيرهما الشعبية
الجو العام في كردستان الذي شهد نهضة عمرانية ونشاطات سياحية انعكست على حياة المواطنين ترفاً وسعادة وفرص عمل وتنافس مكاتب هندسية وتجارة وفن وغناء ليمسح من ذاكرة المحاربين القدامى ذكريات الجبل والبارودوالكهوف وكتابة الرسائل الى الاحبة بأقلام الرصاص والحب عن بعد ومن طرف واحد وهي نعمة تستدعي الحمد والثناء
المسافة الزمنية بين جيل الجبل وجيل الفيس بووك في كردستان هي نفسها المسافة بين جيل السجون وجيل الوات ساب في بغداد
وهي طويلة بحساب التغيير العالمي والمحلي ولهذا سئمت الاجيال الشابة من سردية الحروب والصمود والمشانق والمعتقلات والتهجير والتموين والنقل وألوان سيارات الجيش والاغاني التعبوية (احنه مشينا للحرب)وتنتظر بناتنا واولادنا المشي على حشيش الملاعب والسفر والمدارس الدافئة والجامعات بلا ازياء قسرية او قصات شعر ركاب سفينة نوح فهم يريدون المواكبة ونحن نتثاقل ونتجادل بالتاريخ والمعلقات ونتثاقل السير خوفاً من السقوط على سلالم العمارات الشاهقة فتتكسر العظام مرتين من الخوف ومن العمر المرير
شهدت التسعينات من القرن الماضي حرباً جبلية تسمى بالعرف السياسي (حرب الاخوة) ومهما كانت الاسباب المباشرة وغير المباشرة لها فهي تبقى حرب الانسان الفرد والجماعة عندما تمر عليه اطوار حياة وتغييرات وهو يحمل سلاحاً لم يبرد بعد ولم يعود الى المشاجب خشية من المستقبل وغياب الثقة بالحاضر وضغط الخزين الذهني من صور العنف والكبت والحرمان
هناك من سيحاول التقليل والتهوين مما يحدث بين الحزبين الكرديين مستشفعاً بصور واحاديث الاخوة والمصير
وصمامات الامان وأحزمة السلامة ! وهو نفس الحديث الذي ملأ الصحف والفضائيات والمواقع الاجتماعية قبل ان تنزف بوابة التخطيط من جهتي خاصرتها دماً عزيزاً على الجميع في ليلة (هرير الخضراء) التي خجل منها الشمس والقمر و أحد عشر كوكباً لأن يوسف لم يستطع النوم ليحلم بسجود الكواكب الغالية
ناحية (الديكلة)وهي الناحية الفاصلة بين حدود البارتي واليكتي كانت فاصلة جغرافية ومعنوية تختزن الكثير من القصص للبريد الوجداني والسياسي عبر أسلاك الشك والضنون
أمًا اليوم فقد تداخل كل شي عبر الاثير والاقمار والابراج بسرعة خاطفة لاتستطيع ايقافها مفارز الحدود وسيطرات الشرطة المحلية وغادرت من سمائها طائرات الحضر الجوي الدولي لحماية المدنيين
ندعو ونتمنى ونرجو ان نستوعب دروس الزمن فلم نعد بحاجة الى قصص موت جديدة في كل العراق رغبة في الحياة ومحبة لأولادنا وصيانة لمواردنا لان المسافات لم تعد طويلة والاجيال لم تعد يدوية والقلوب تتقزز من الضجيج والخوف وهي تحلم بسرير ناعم كبقية خلق الله والقرى والمدن الضاحكة للشمس والاطفال و الجوز والنخيل والاعناب
على العقلاء من السياسيين وصناع الرأي ان يستجيبوا لطلب السيد البارزاني ويتدخلوا بأخوة صادقة هنا وهناك ليذيبوا جبل الثلج بين الحزبين قبل ان يتحول الى جبل نار تتدحرج حيثما تريد فيحترق الحرف والاسم والفعل والتاريخ على جغرافية قريبة من أضرحة الاولياء الصالحين
١٠-نيجرفان البارزاني المسوؤل المتفائل دوما والذي لايحب الكلام الكثير والمفعم بالعزم والامل حينما يطلب ذلك فهذا يعني ان الامر بالغ والجرح مؤلم وتلك اشارة من حليم بعيد الغور وحريص على دماء الابرياء وتلك وصية زعيم
بقلم عباس الجبوري
