أعداد. ايناس الوندي
في ساعات الصباح الأولى، تبدأ كثير من النساء يومهن بسلسلة مهام متواصلة، من ترتيب الأسرة وتنظيف المطبخ إلى تنظيم الفوضى المتراكمة من اليوم السابق. مهام تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تشكّل عبئًا جسديًا ونفسيًا متكررًا، لا سيما في ظل ضغوط العمل، ورعاية الأطفال، وتعدد الأدوار داخل الأسرة.
التنظيف من منظور علمي
تشير دراسات نفسية حديثة إلى أن الفوضى البصرية داخل المنزل ترتبط بارتفاع مستويات التوتر والقلق، إذ يفسّر الدماغ البيئة غير المرتبة على أنها مهام غير مكتملة، ما يُبقي العقل في حالة استنفار مستمرة. وفي المقابل، يسهم التنظيم، ولو بدرجات بسيطة، في تعزيز الشعور بالسيطرة والراحة النفسية وتحسين المزاج العام.
تحديات يومية تواجه المرأة
تواجه النساء جملة من الصعوبات في هذا السياق، أبرزها ضيق الوقت وكثرة المسؤوليات، وسرعة عودة الفوضى خاصة بوجود الأطفال، إضافة إلى الشعور بعدم التقدير أو ضعف المشاركة من بقية أفراد الأسرة، فضلًا عن الإرهاق الذهني الذي يجعل مهمة الترتيب أثقل نفسيًا من الجهد البدني نفسه.
هذه التحديات قد تقود إلى مشاعر الإحباط أو الذنب، وقد تتطور في بعض الحالات إلى حالة من الإرهاق النفسي، خصوصًا عندما تُربط قيمة المرأة بمدى نظافة منزلها.
الأثر النفسي… بين الراحة والضغط
يوضح مختصون أن ترتيب المنزل قد يتحول إلى سلوك داعم للصحة النفسية عندما يتم بمرونة ودون قسر، لكنه يصبح مصدر ضغط حين يُفرض كواجب يومي صارم أو يُقاس بمعايير الكمال. ويؤكدون أن التوازن هو العامل الحاسم بين الفوضى المرهِقة والكمال المُتعب.
خطوات إرشادية لتسهيل مهمة الترتيب
ويقدّم خبراء التنظيم المنزلي وعلم النفس مجموعة من الإرشادات العملية، أبرزها:
قاعدة الـ15 دقيقة: تخصيص 15 دقيقة يوميًا للترتيب دون محاولة إنجاز كل شيء دفعة واحدة.
الترتيب حسب الأولوية: التركيز على الأماكن الأكثر استخدامًا مثل المطبخ وغرفة المعيشة.
تقليل المقتنيات: فكل غرض زائد يعني جهدًا إضافيًا، والتخلص من غير الضروري يخفف العبء بشكل واضح.
توزيع المسؤوليات: إشراك الأطفال أو الشريك في مهام بسيطة يعزز روح التعاون ويخفف الضغط.
ربط الترتيب بشعور إيجابي: تشغيل موسيقى هادئة أو الاستماع إلى بودكاست صباحي يحوّل الترتيب إلى طقس مريح.
التسامح مع النفس: فالمنزل ليس مطالبًا بأن يكون مثاليًا، بل مريحًا للعيش.
رأي مختص
تقول الدكتورة سارة الخالدي، المختصة في علم النفس السلوكي، إن علاقة المرأة بترتيب منزلها تتجاوز مفهوم النظافة لتصل إلى الإحساس بالسيطرة والطمأنينة النفسية. وتوضح أن الفوضى المستمرة قد ترفع مستويات التوتر دون وعي مباشر، لأن الدماغ يتعامل مع المشاهد غير المرتبة على أنها مهام عالقة.
وتضيف أن المشكلة لا تكمن في الترتيب بحد ذاته، بل في التوقعات المبالغ بها والسعي للكمال، وهو ما قد يخلق شعورًا دائمًا بالتقصير، خاصة لدى النساء العاملات. وتنصح الخالدي بالتعامل مع الترتيب كسلوك داعم للصحة النفسية، لا كمعيار لتقييم الذات، مؤكدة أن البيت الصحي نفسيًا هو الذي يمنح ساكنيه شعورًا بالأمان لا الضغط.
خلاصة :
ترتيب المنزل ليس مجرد عمل يومي، بل ممارسة تؤثر بشكل مباشر على نفسية المرأة واستقرارها الداخلي. وعندما يُدار بوعي وبخطوات بسيطة، يتحول من عبء مرهق إلى مساحة للهدوء والتنظيم، تعكس علاقة صحية بين المرأة وبيتها… وبينها وبين ذاتها.