إعداد: إيناس الوندي
تشهد مدينة خانقين في الآونة الأخيرة حركة سياحية ملحوظة من قبل الزوار الإيرانيين، حيث بات مشهد العائلات والمجاميع السياحية وهم يتجولون في أسواق المدينة ويستمتعون بأجوائها جزءاً مألوفاً من الحياة اليومية. هذه الظاهرة لا تمثل مجرد زيارات عابرة، بل تعدّ فرصة استراتيجية نادرة يمكن أن تضع خانقين على خارطة السياحة الإقليمية، إذا ما تم استثمارها بشكل منظم وواعٍ.
وفي هذا السياق، يوجه ناشطون وإعلاميون دعوة مفتوحة إلى الجهات المختصة وذات العلاقة، من دائرة السياحة إلى أصحاب الفنادق والمطاعم وأماكن الترفيه، للقيام بخطوات عملية ومبتكرة تهدف إلى تعزيز تجربة الزائر وتحفيزه على تكرارها، ما سينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي والترابط الاجتماعي في المدينة.
مقترحات عملية للنهوض بالسياحة:
خدمات الاستقبال والتوجيه:
على دائرة السياحة نصب خيمة استقبال أو تشكيل فرق جوالة عند منفذ المنذرية الحدودي، لتوزيع كتيبات ودلائل سياحية تعريفية بمواقع خانقين الأثرية والترفيهية، بلغات متعددة، لا سيما الفارسية والإنجليزية.
عروض فندقية ومطعمية بلغة الضيف:
يُوصى أصحاب الفنادق والمطاعم بطباعة قوائم الطعام والعروض الترويجية باللغة الفارسية، وتوزيعها عبر مندوبيهم في الأسواق والمناطق الحيوية، لجذب السياح بطريقة مباشرة وفعالة.
باصات سياحية إلى المعالم البارزة:
توفير وسائل نقل سياحية لزيارة أبرز معالم المدينة مثل جسر الوند الحجري، منتزه كلات، سد الوند، كنيسة البشارة، كويجه باخ جلوه، وغيرها، مما يعزز تجربة الزائر ويدفعه للعودة مجدداً.
حفلات ثقافية وفنية:
نظراً لحب الشعب الإيراني للموسيقى والفنون، يمكن تنظيم حفلات موسيقية وعروض فنية سياحية تضيف بُعداً إنسانياً وثقافياً إلى زيارتهم.
تفعيل الإعلام والترويج:
من الضروري إطلاق حملات إعلامية منظمة، باستخدام وسائل التواصل والمنصات المحلية، للترويج لصورة خانقين كوجهة مضيافة وآمنة ومتنوعة.
شهادات من الميدان:
يقول الإعلامي المعروف أمير الخانقيني:
“نشهد هذه الأيام توافدًا يوميًا ملحوظًا من السياح الإيرانيين، وهذا لم يكن يحدث بهذه الكثافة منذ سنوات. لكن المؤسف أننا لا نمتلك حتى الآن بنية تحتية كافية أو رؤية واضحة لاستثمار هذا الزخم. لو تم تنظيم الأمور بشكل مدروس، فإن خانقين يمكن أن تتحول إلى نقطة جذب سياحي دائم، لا سيما أنها تمتلك طبيعة جميلة وتاريخًا غنيًا ومجتمعًا متنوعًا.”
ومن جهته، عبّر الزائر الإيراني علي رضا حسيني، الذي قدم مع عائلته من محافظة كرمانشاه، عن إعجابه بالمدينة قائلاً:
“خانقين مدينة جميلة وهادئة، الناس هنا طيبون والأسعار مناسبة. أتينا بهدف التبضع والاستراحة، لكننا فكرنا بالبقاء لعدة أيام لو توفرت خدمات سياحية أكثر، مثل الدليل السياحي باللغة الفارسية.”
أما التاجر المحلي أبو حسنين، صاحب متجر عطورات في سوق خانقين، فيقول:
“الحركة السياحية تحسنت كثيراً بالفترة الأخيرة، خصوصاً من جهة إيران. نأمل من الحكومة المحلية دعمنا بالإعلانات والخدمات حتى نقدر نخلي الزائر يرجع مرة ومرتين. هالناس تحب البساطة والترحاب، وهذا الشي متوفر عندنا لو نحسن تنظيمه.”
خانقين: من ذاكرة الزوار إلى المستقبل السياحي
ويستذكر الأهالي بفخر تلك الأيام التي أعقبت سقوط النظام السابق عام 2003، حين كانت المدينة تستقبل آلاف الزوار من مناطق گرميان، وخاصة من كلار، خلال الأعياد والمناسبات. لكن، وبسبب بعض الإشكالات وسوء الفهم حينها، وغياب التخطيط السياحي، خسرنا فرصة مهمة لتحويل خانقين إلى مركز جذب دائم.
أما اليوم، فقد تغيرت المعادلة، إذ أصبح كثير من سكان خانقين يقصدون كلار للتسوق والترفيه، ويُستقبلون هناك بكل احترام وود، ما يدفعنا للتفكير بجدية في كيفية استعادة خانقين لدورها الريادي.
نحو سياحة بلا سياسة
ختاماً، فإن بناء بيئة ترحيبية فعالة يتطلب تعاوناً شاملاً بين الجهات الرسمية والمجتمعية، بعيداً عن الحسابات السياسية، من أجل استثمار هذا التوافد السياحي لتقوية العلاقات مع سكان كردستان إيران، وتعزيز الاقتصاد المحلي وإحياء خانقين كمدينة منفتحة وجاذبة للجميع.