×

أخر الأخبار

أميركا مِنَ الهمسِ إلى الصُّراخ

  • 23-07-2020, 13:36
  • 297 مشاهدة
  • حازم أحمد

لم تكن أميركا لتكلِّف نفسها عناء التوجيه من قِبَلها قصدًا للحكومات في غرب آسيا، وحتى الصين ذلك العملاق الذي كان يعشق مناخ التساكن، كانت أميركا تكتفي بالهمس إلى السعودية أو الإمارات أو قطر – ما بعد صدام حسين – لتحدث التغييرات (رياحًا وسفنًا) حسب شهية البيت الأبيض العنصري في أي دولة من الوطن العربي وغرب آسيا.
حتى إذا اقترب الأميركي من مِنطقة اسمها إيران، عمرها أكثر من سبعة آلاف عام من الحضارة والتجارب والفن والعِمارة والديانات والتنوّع والتعدد…
نعم، وضعها الأميركي بين فكّي كمّاشة العراق – أفغانستان؛ لكنه كان قد جازف كثيرًا بوصوله قرب حدودها غير المكتشفة.
بدأ الأميركي يغوص في مستنقع تلك الحدود المزيجية، والإيراني ينتظر اللحظة المناسبة لينقضَّ عليه بخبرته العميقة، بعد أن عانى جسد الأميركي من وجع الضربات المُركزة التي تدفعه للغوص أكثر، لكن الأميركي أفلَتَ بحبل نجاة عراقي وغادر عام 2011.
حتى إذا عاد الأميركي مرة أخرى بذريعة مكافحة الإرهاب (الإرهاب الأميركي)، ومن هنا نهضت المقاومة الإسلامية بأوجّها، وتمدَّدَتْ محيطة بهيبة الأميركي قضمًا، بعد التجارب الميدانية منذ 2003 حتى هذه اللحظة (زيارة وزير الخارجية الإيراني: د. جواد ظريف) وصلت أميركا مرحلة أن عليها تنفيذ كل شيء بنفسها.
الرئيس الأميركي اليوم يكتب التغريدات باللغة الفارسية على تويتر، يتصيّد أي حدثٍ داخل إيران مهما كان صغيرًا ليلحِّنَ عليه أغنيةً ما!، التوجيهات الأميركية تجاوزت وكلاءها في الخليج وعبَرَت بنفسها لتخرج من بين جدران السفارة الأميركية في بغداد، والقنصلية الأميركية في البصرة، وكل قِوى المقاومة تهزأ بأميركا وتقول لها (كلا، وألف لا)
عملاق مناخ التساكن الصيني نهض ليعلن بداية الإعصار الاقتصادي وهو المتحكم بهذا الإعصار، روسيا التي كانت منكفئةً على حدودها وأمنها الإقليمي؛ نهضت وحلَّقَت كطائر العنقاء نحو حوض المتوسط لتأخذ مكانها، مجلس الأمن الدولي صار يتمرد على الإرادة الأميركية بأربعة أعضاء دائمي العضوية لصالح إيران، حصارات فنزويلا كسرتها إيران، قانون قيصر كسرته المقاومة، تجهيز وزارة الدفاع السورية بالمنظومات الدفاعية الجوية الإيرانية يُعَدّ أكبر خطوات التحدي في وجه المحور الأميركي، والعقود الصينية والروسية قادمة، إنه عالم جديد لا تقوده أميركا.
زيارة الدكتور جواد ظريف للعراق ترتب عليها هزيمة مدوية للسعودية المتربِّصة والمتأبِّطة شرًا، وزيارة رئيس الوزراء العراقي إلى طهران هي صفعة أخرى لوجه الأميركي فرضتها توازنات المقاومة؛ إذ تقدَّمَت الجمهورية الإسلامية على المحور الأميركي، أميركا اليوم تصرخ فقط، وهي تتقزَّم وتضيع في تُخمة الرمال للمقاومة الإسلامية، ودول الممانعة في العالم.
ونحن في استباق وتسطير انتصارات حتى الانتخابات الأميركية، وحلول تشرين الأول حيث انتهاء عصر الحظر التسليحي الأميركي ضد الجمهورية الإسلامية، بعد مرحلة الهمس جاءت مرحلة الصراخ؛ ومِنْ ثَمَّ مرحلة الخَرَس الأميركي الحتمية.
والحمد لله ربِّ العالمين