الحديث عن السيد الشهيد حسن نصرالله هو ليس حديث الساعة عن شخص معين فحسب، وانما لارتباطه المباشر بمفهوم هدف متألق في علياء المجد وسماء الخلود ، الا وهو نيل درجة الشهادة التي لا ينالها الا ذو حظ عظيم.
فلو تمعنا بدقة في الآية الكريمة التي تقول:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْط) لوجدنا ان مفهوم الشهادة في عرف رجال كالسيد الشهيد حسن نصرالله وجميع من سبقه الى هذا المقام الرفيع تعني إنسان يقوم بكل ما أمر الله وعما نهى الله بلا شركٍ بلا أي شوبٍ من شرك.
الشهادة في عرف شهيدنا يعني هذه الذات تنظف وتصفى ولا يبقى مجال في داخلها لشائنة تكون مؤهلة للشهادة بالقسط عند الله تبارك وتعالى، تشهد بالقسط، فالله عزَّ وجلّ يوجد من خلقه من يصل إلى حدّ شهادة القسط بحقٍّ وصدق وبكل دقّة وعزيمة واصرار منقطع النظير.
الشهادة في معيار هكذا رجال تعني مصداقا واضحا لهذه الآية الكريمة:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
فالمتتبع لسيرة من سبق شهيدنا الى مبتغى الخلد وجنات النعيم يجده انه لمس بوجدانه ان نبينا العظيم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بعده امامنا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقبلهما الأنبياء والأوصياء جميعاً، يفارقون اولادهم في أشدّ لحظات حاجة الولد إليهم ، محتسبين طاعة لله، ايمانا عميقا منهم بان من كان عاصياً فهو عدو ولي الله، ومن كان مطيعاً لله فهو حبيب وليّ الله، الشاهد بالقسط هذا شأنه، أن لا يكون له صديقٌ ولا حبيبٌ حين تفارق بينه وبينه معصية الله عزَّ وجلّ، والكافر الملحد وفي لحظة واحدة حين يتفرّغ قلبه من كفره وإلحاده يكون حبيب وليّ الله ويشهد له بالعدل والإحسان ومحبة الله له ، تلك هي الحقيقة الراسخة في ضمير ومنهج هكذا رجال.
هم يؤمنون اشد الايمان بأن الشهادة تحتاج دائماً إلى أن تكون في سبيل الله، وعلى هذا لابد من التبيُّن لسبيل الله، هذا الذي يسلكونه هو سبيل الله، وان دمائهم تحتم على الأمة اليوم أن تعيش معركة الذود عن المشروع الحق من صميم قلبها، وأن تشتغل كلّ جوارحها بهذه المعركة، وأن لا تدّخر جهداً في سبيل هزيمة مروّعة ومدوّية لإعداء هذا الحق ولكل المتعاونين معهم، ايمانا من منطلق ان هذه المعركة هي معركة وجود كبرى وطويلة الامد.
شهيدنا ومن سبقه من الشهداء احياء عند ربهم ينصتون لصرخات من داخل غزة وفلسطين، صرخات الأطفال اليتامى، صرخات النساء المثكولات، صرخات الموجوعين المألومين، صرخات الجائعين، صرخات المشرّدين، صرخات المعذبين في تلك البقعة من الأرض الإسلامية، صرخات استغاثية من العجب أن تصل إلى مسمع إنسان مسلم فلا تدكّ عمق قلبه ، او توخز ضميره.
فسلام على آيقونة الجهاد السيد الشهيد حسن نصرالله وجميع من سبقه الى الجنان يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.