×

أخر الأخبار

الشباب بين شريعة الغاب والايثار

  • 26-05-2020, 13:14
  • 397 مشاهدة
  • لقمان عبد الرحيم الفيلي

بل ان اتحدث معك عن ما في ذهني من مشروع تجاري، والذي سأحتاج دعمكم لتفعيله وترجمته للواقع، لدي بضعة أسئلة استوقفتني في حديثكم معي اليوم ظهرا.  

 تفضل اخي الشاب الصغير ما هي.  

 أولا، قلت بان الحق يؤخذ ولا يُعطى، ذكرتني هذه المقولة بأخرى حول قانون الغابة والغلبة للأقوى،  
ثانيًا، حول أسباب عدم حديثنا بصراحة وشفافية في هكذا مواضيع منذ امد بعيد علما باننا نحب بعضنا البعض ولا يوجد موانع ثقافية او عرفية تمنعنا من هكذا حوارات بين اخوين وان كنا من جيلين مختلفين؟  
ثالثا، تحدث لي اكثر يا اخي الكبير عن نظرية الحكم الواقعية كما سميتها، لكي ننزل نحن الشباب من ابراجنا العاجية (هذا حسب فهمكم عنا) ونفهم الواقع (كما ترون) ولا نبقى فوق التل نلوم يوماً ونثور يوماً اخر من غير وجه حق او دراية بما هو ممكن من عدمه؟  

 في الحقيقة  أنا بودي ان أكون مستمعاً لما تريد قوله اكثر من ان أكون متحدثاً ومتأملاً  لفهم جيلكم وليس محاضر اً عليكم او مبرراً لكم افعالنا ونظريتنا في الحياة ومنهج عملنا، نحن الجيل القديم فاتنا قطار التنمية والاستقرار.  

 وعدتك بالحديث عن ما في صدري ولكن الفضول والحاجة والفرصة أعطتني مؤشرات باني لم اضع نفسي محلك لكي اعرف لماذا أنت انت وجيلك فعل ما فعل (ويفعل)،  اهملتمونا وأسأتم ادارة امورنا العامة (كما نرى نحن)، نريد ان نعرف لماذا، بل نحتاج ان نعرف وان كانت رغمًا عنا لكي لا نكرر أخطاءكم.  

 الا ترى بانك قاس في حكمكم علينا؟  

- لا ابداً اخي الكبير، بل اننا اعطيناكم اكثر من حقكم من فسحة الوقت والفرص، كانت لنا ثقة بكم وتلاشت مع الزمن، كذلك نشعر بانكم خدعتمونا وتبخرت أحلامنا معها، وكنتم اما جهلة في الحكم وإدارته او تامرتم علينا انانيةً او لغاية في نفس يعقوب.  

- انتم نحن فلماذا نخدع اولادنا واحفادنا؟  

- هذا ما نحس به بمعزل عن الحقيقة، لديك فرصة لتشرح لنا ما لم نلم به، وتوضح لنا أين الانطباع من الحقيقة.  

- الحقيقة اعقد بكثير ومؤلمة عندما تغوص فيها، لم نرى الحاجة لنشغل الشباب بها رفقا بهم، نعم هم صغار في اعيننا وان كبروا.  

- قد يكون كذلك ولكن كان عليكم التواصل معنا واعلامنا واشراكنا وعدم تركنا للزمن والصدفة ومنصات التواصل الاجتماعي تربينا حقا او باطلا.  

- في هذه انتم على حق، الزمن سبقنا وكنا نعتقد بان تركة الماضي سهل التعامل معها واننا سوف لن نكون اسراها واننا سوف ننطلق بالاعمار والبناء انطلاقة صاروخية.  

- ماذا حصل يا ترى؟  

- عدة امور واسباب، بعضها كنت اعتقد بانها حقيقة والآن بعد مراجعتها أراها اعذار، وبعضها اكبر بكثير من امكانياتنا الادارية او الذهنية المتواضعة، وبعضها نجحنا فيها ولكن تسوناميات أخرى اعاقت إظهار حجم العمل الجبار الذي قدمناه.  

- اشرح لي هذه الأسباب، فانا دوما كنت اعتقد ان اضواء السلطة والمال أعاق قدرتكم على النظر وعزلتكم عن المجتمع، وان المعوقات هي في حقيقتها طبيعية وليست بحجم ما حاولتم تهويلها.  

- هل تريدني ان اتحدث عن أسباب المعوقات ام أسئلتكم الثلاثة أعلاه، لا احب التشتيت في الافكار وأنتم من جانب اخر أيها الشباب لا تحبون النظام.  

- حقك، لنرجع لاسئلتي الثلاثة.  

- حسنا، أما مقارنة مقولة أخذ الحق بشريعة الغاب (وليس قانون الغابة كما ذكرت) ففيها بعض الصحة، نحن لم نرغب ان نعيش في غابة، بل وجدنا أنفسنا فيها رغماً عنا، لم نر عدالة نحونا، ولم نعرف بالضبط كيف نسترجع حقوقنا ولم نر أنصاف الأخر معنا وأخيرا منظومة المجتمع فيها جذور قبلية وإقصائية ولم نستطع محاربتها فتعايشنا معها وقبلنا بها.  
ثانياً بخصوص المكاشفة فمجتمعنا علمنا باننا مسؤولون عرفا وشرعًا ولدينا الولاية وعليه لا نحتاج الى أخذ الأذن او الموافقة قبل تطبيق ما نرى انه صحيح او مفروض. الديموقراطية التي تثار هذه الايام كمنهج حكم شيء لم نتثقف عليه في ادبيات الدراسة او الحراك السياسي او حتى في أماكن عملنا في القطاع العام او الخاص.  
وأخيراً بخصوص واقعية نظرية الحكم، فأنت تريد منا كسر طوق الواقع وهذا معناه المغامرة والمبادرة واحتمالية خسارة ما كسبنا وفوق هذا وذاك نعرف ان الآخر متربص لنا ومستعد لاستغلال اي محاولة فشل عندنا، وعليه اتفقنا فيما بيننا على مقولة لنرض بالقليل الموجود خير من الكثير الموعود.  

- اذن مشكلتكم سببها نتيجة عدم الثقة بالآخر او بانفسكم وكانكم تعلقتم او قبلتم بالواقع فقط، اين الطموح والأمل والغيرة على الأولاد والأحفاد؟ يا ترى كم من هذه العقد والأمراض والتيه الجيلي ورثتموه وستورثونه لنا؟  

- انت طلبت الحقيقة وقلت لك سوف لن تتحملها.  

- ان اعلم باني مريض واحتاج ان أتعافى بعد أخذ العلاج هو أفضل من ان اتنكر لوجود المرض أصلا. الظاهر اننا نحتاج ان نفكر من الان بأولادنا والجيل الذي بعدنا، لقد جعلتمونا شيبا قبل ان نشب سامحكم الله وصبرنا.