×

أخر الأخبار

حمار ابن حمار

  • 15-03-2020, 12:01
  • 484 مشاهدة
  • أحمد مطر

كان يا ماكان في أحد الاسطبلات العربية مجموعة من الحمير…
    وذات يوم أضرب حمار صغير عن الطعام مدة من الزمن، فضعف جسده وتهدّلت أذناه وكاد يقع على الأرض من الوهن، فأدرك الحمار الأب أن وضع ابنه يتدهور كل يوم، وأراد أن يفهم منه سبب ذلك،
فأتاه على انفراد يستطلع حالته النفسية والصحية التي تزداد تدهورا.
    سأله: ما بك يا بني ؟. لقد أحضرت إليك أفضل أنواع الشعير.. وأنت لا تزال رافضاً الطعام والشراب.. أخبرني ما بك؟..
    ولماذا تفعل ذلك بنفسك ؟
    هل أزعجك أحد ؟
    رفع الحمار الصغير رأسه وخاطب والده قائلا:
    ـ نعم يا أبي .. إنهم البشر ..
    دُهش الأب الحمار وقال لابنه الصغير:
    ـ وما بهم البشر يا بني ؟
    فقال له:
    ـ إنهم يسخرون منّا نحن معشر الحمير ..
   فقال الأب: وكيف ذلك ؟
     قال الابن : ألا تراهم كلما قام أحدهم بفعل مشين يقولون له يا حمار ...
    وكلما قام أحد أبنائهم برذيلة يقولون له يا حمار ... أنحن حقا كذلك ؟
يصفون أغبياءهم بالحمير.. ونحن لسنا كذلك يا أبي ..
إننا نعمل دون كلل أو ملل.. ونفهم وندرك .. ولنا مشاعرنا..
    تأثر الأب من كلمات ابنه وارتبك، ولم يعرف كيف يردّ على تساؤلات صغيره وهو في هذه الحالة السيئة..
    فكر الأب قليلاً ثم حرّك أذنيه يُمنة ويسرة وبدأ يحاور ابنه محاولاً إقناعه حسب منطق الحمير..
    قال الحمار الأب:
    ـ انظر يا بني إنهم معشر البشر خلقهم الله وفضّلهم على سائر المخلوقات لكنّهم أساؤوا لأنفسهم كثيراً قبل أن يتوجهوا لنا نحن معشر الحمير  بالإساءة ..
    انظر ـ يا بُني ـ مثلاً.. هل رأيت حماراً خلال عمرك كله يسرق مال أخيه؟؟!…
    هل سمعت بذلك؟! .
    هل رأيت حماراً يعذب بقية الحمير ليس لشيء إلا لأنهم أضعف منه أو أنه لا يعجبه ما يقولون ؟
    هل رأيت حماراً عنصرياً يعامل الآخرين من الحمير بعنصرية اللون والجنس واللغة والفصيلة؟!.
    هل سمعت عن قمة حمير لا يعرفون لماذا هم مجتمعون؟!..
    هل سمعت يوماً ما أن الحمير الأمريكان يخططون لقتل الحمير العرب !!.. من أجل الحصول على الشعير؟!
    هل رأيت حماراً عميلاً لدولة أجنبية ويتآمر ضد حمير بلده ؟!..
    هل رأيت حماراً يفرق بين أهله على أساس طائفي؟!…
    طبعا لم تسمع بمثل هذه الجرائم الإنسانية في عالم الحمير !!..
    ولكن البشر هل يعرفون الحكمة من خلقهم ويعملون بمقتضاها جيدا؟!..
    لهذا يــــا ولدي أطلب منك أن تحّكم عقلك الحماري،، وأطلب منك أن ترفع رأسي ورأس أمك عالياً وتبقى كعهدي بك *حماراً ابن حمار…
  واترك البشر يا ولدي..  اتركهم يقولون عنا ما يشاؤون ..
    فيكفينا فخراً أننا حمير
لا نــكـــذب
                    ولا نـقـتـــــل
                     ولا نــســـرق
                      ولا نـغـتــــاب
                       ولا نــشــتـــم
                      ولا نخون
     لا نرقص فرحـاً وبيننا جريح وقتيل ،،
   أعجبت هذه الكلمات الحمار الابن فقام وراح يلتهم الشعير وهو يقول:    
    نعم سأبقى كما عهدتني يا أبي .. سأبقى أفتخر أنني حمار ابن حمار
ثم، أكون تراباً ولا أدخل النار التي وقودها الناس والأحجار..