×

أخر الأخبار

" الشيعة الغمان "

  • 19-04-2020, 11:34
  • 746 مشاهدة
  • كامل الكناني

يشكل النقد لفساد السلطة في العراق علامة واضحة في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي في الأشهر الماضية بشكل لافت يمكن اعتباره متميز عن الفترات السابقة.
وليس غريباً ان تتعرض عملية سياسية لانتقادات، ولكن ما يميز هذه المنشورات عن سابقاتها هو تركيزها على ثلاث قضايا أساسية : اولها: ان كل السياسيين الشيعة فاشلين ، وكلهم يجب إبدالهم ، وكلهم لاينفع معهم اي اصلاح او اي تغيير . بل ان الاصلاح تحول معناه الى شتم الشيعة والسياسيين وبشكل كامل ، ولا تخلو هذه الشتائم من ادخال مفردات لا تخرج عن السياق مثل المعممين او الاسلام السياسي او الايرانيين ، وكل تلك المعاني تشير لشيعة العراق بشكل وبآخر حتى وهي تشتم ايران او الايرانيين .
القضية الثانية: هي اعفاء الجميع عن مسؤولية الجريمة والسرقة والعرقلة لكل عمل وبناء ومشاريع وتركيزه على هؤلاء الشيعة ، ومن عجائب هذه المنشورات انها تعيّر الشيعة بسرقات البارزاني وإرهاب السنة واستغلالهم، بل إن كل الاخطاء التي تذكر مع مخطئها يتم تركيبها برأس الشيعة ، فالشيعة هم سبب استهتار البارزاني وهم سبب استغلال الاقليم وتهريب النفط وهم سبب عدم تسديد الاقليم لديونه ، بل إن كل الاخطاء من الاتراك والاميركان اوالدول العربية كالسعودية وغيرها ودعمها للسنة وغيرهم تلقى مسؤوليتها على الشيعة.
القضية الثالثة: احتواء هذه المنشورات على مفردات تحط من شيعة العراق بعكس ما عرفوا به في تاريخهم من بطولة وشجاعة ووطنية واكثر الكلمات المستعملة لتركيز هذا التداول هو مصطلح "الدونية والغمان والذيول" واصبح تركيز هذه المفردات في آلاف المنشورات يدل بوضوح ان استعمالها مقصود ومؤكد ، فكيف يتفق مئات الكتّاب على وصف ناس بعكس ما فيهم دون ان يكون ذلك مقصوداً او متفقاً عليه من قبل جهات خلف الستار ؟
ولكي نحيط بالموضوع أكثر أود ان أمر مروراً سريعاً على وضع الشيعة في العقود الماضية وصولاً الى الزمان الحاضر وموقعهم في المرحلتين ...
   يعرف الجميع كيف كان شيعة العراق يتعرضون لأقسى حملات القمع والاضطهاد والازدراء من قبل النظام السابق، وكيف كانوا يُزجون في السجون ويملأون المنافي واي مسؤول بالدولة على مستوى محافظ النجف مثلا يستطيع ان يهدد المرجع وربما يعتقله ويهينه ، وكان صدام نفسه وابنه عدي لايمنع نفسه من الاستهزاء بهم وبمراجعهم وفي احدى نكاته السمجة قال صدام انه قرأ الرسائل العملية للمراجع فوجدهم واحد ينقل من الثاني! لان عبقريته وفذاذته لم تجد تفسيرا لتطابق الاحكام الشرعية في الرسائل العملية غير ان المراجع واحد ينقل من الثاني ، وكأنهم طلبة مدارس فاشلين ، ويعرف الجميع كيف ملأ شباب الاحزاب الشيعية المقابر الجماعية والمنافي ، وغرقوا في بحار العالم طلباً للجوء هنا وهناك ، فلما جاء الاميركان وأسقطوا صدام (عاشت إيدهم على ذلك) ,دخل الشيعة في المشروع السياسي فرحين ومسرورين ، وبدأت اميركا المشروع الذي اتفقت معهم بالمشاركة مع إخوانهم السنة والكورد بثلاثة اثلاث لكل منهم  ، ولكنها في اول نقض لاتفاقها معهم قامت باعطاء حصة الشيعة من المناصب والادارات والفرق للبعثيين والشيوعيين فصار اياد علاوي يمثل الشيعة وحازم الشعلان وسوسن الشريفي وحميد مجيد وهو سكرتير الحزب الشيوعي ياكل من حصة الشيعة وكذلك قادة الفرق والشرطة وغيرها ، بل ان شعبة إيران وسوريا في جهاز المخابرات العراقي السابق استدعيت نفسها وبكامل ضباطها ومنتسبيها للعمل مع الجهاز الجديد!.. ولم يمر الوقت حتى تبين ان اميركا تركت تعهدها بوحدة العراق واشتغلت على دعم المساعي الانفصالية وتقسيم العراق بل وطرح تقسيم دول المنطقة كلها ، وصار الحديث عن شرق اوسط جديد وتقسيم سوريا ولبنان وانشاء دولة درزية واخرى شيعية وكردية حديث الأوساط السياسية الاميركية ودول المنطقة.
وهنا  كشفت القوى الشيعية عن خيارها الوطني في رفض الوجود والمخططات الاميركية وبدأ التعاون مع بعض القوى الداخلية بالعمل على إفشال المشاريع الاميركية وانتزاع الحق منها بالقوة والمروة . من هنا بدأت المشاكل حيث شنت المقاومة في المناطق الغربية عملياتها وجيش المهدي عملياته في المناطق الشيعية على كل الاهداف الاميركية... هنا تغير المشهد واصبحت الاحزاب الشيعية المشاركة بالسلطة في حرج بين الاميركان وبين جمهورهم المتفاعل مع المقاومين  بشكل كامل . ثم حدث اختراق سعودي خليجي للمجاميع السنية ووجهوا عملياتهم ضد الشيعة باعتبارهم صفويين وعملاء الاميركان وهذا بتوجيه ودعم اميركي حتى جاؤا لنا بالارهابيين من كل بلدان الدنيا ليفجرون ويقتلون في المراقد والحسينيات والزيارات والاسواق الشعبية حتى سوق الغزل والمطيرجية ما سلموا منهم ،(وفي كل ذلك كان انتقاد الشيعة في قنوات الشرقية والبغدادية, والعربية والجزيرة ومهاجمتهم بأخس  الاوصاف مثل الصفوية والعمالة لاميركا والذيلية لها). وكانت المناطق الشيعية تقدم القرابين بقلب دامٍ ولكن لم يصدر من شيعة العراق الذين يُنعتون بالدونية والغمان والذيول اي موقف يدعو للتهادن مع الاميركان ، او الاستسلام لهم وهم يُقتلون على يد كلابها وينعتون بالعمالة لها . ورغم ان أشلاء الضحايا كانت تجمع بالعربات ويختلط فيها أشلاء العشرات من شبابهم تمسك الشيعة احزاباً وجماهيرا ًومرجعيةً بالمشروع السياسي على أساس ان الانتخابات كل اربع سنوات ستعيد تشكيل المشهد لصالحهم ، وفيما تمسك السياسيون الشيعة بإخراج الاميركان عبر التفاوض تواصلت العمليات ضد القواعد الاميركية بشكل أرعب الاميركان وجعل ليلهم رعباً ونهار جنودهم بحاجة لحفاظات الكبار لارتدائها ، واصبح الانسحاب المعقول احسن الخيارات . فلما تأكدت اميركا من ذلك وخصوصا بعد توقيع الاتفاق عام 2008 والاتفاق على تنفيذه لغاية 2011 وقرار المالكي الذهاب للاغلبية السياسية بعد انتخابات 20 ، قررت اميركا الانتقام فمنعت تطوير وتسليح الجيش العراقي حتى بعتاد اشتراه منها ودفع ثمنه ، واطلقت يد داعش لاحتلال المدن العراقية والوصول الى اطراف بغداد.
  وفي كل ذلك لم تزد حصة الاحزاب الشيعية وجمهورها عن الثلث الذي يذهب نصفه للعلمانيين والشيوعيين والبعثيين ويبقى لهم نصف الثلث ولكنهم يقاتلون نيابة عن الجميع...فتحرير المناطق السنية بعهدتهم وحفظ الأمن مسؤوليتهم ، وكان  الكورد يأكلون على البارد والسنة متحالفين مع السعودية وداعش والشيعة الغمان والدونية والذيول في حرب دائمة ، وتتلقى صدورهم المفخخات وقواتهم الخيانات من هذا وذاك ، واميركا تتفرج عليهم بل وتدعم اعداءهم بكل وسائل الدعم المباشرة وغير المباشرة ، وكانت معارك الحشد والفصائل المقاومة منازلة بطولية قام بها هؤلاء الغمان والدونية أثارت إعجاب الدنيا مع قلة الناصر وفقر ذات اليد ولم يكن معهم إلا الله والمساعدة الايرانية التي تأتي وعليها ألف عين . ولكن اميركا وبعد ان  تأكدت بعد معركة تحرير جرف الصخر ان الشيعة منتصرون وسيحررون بلدهم بفترة قليلة - وكانوا قد توقعوها تستمر لثلاثين سنة -  عادت للتفاهم مع  العبادي على دعمه  للتخلص من الدواعش, ولكن بطريقة تحفظ أوباشها وكلابها الذين اطلقتهم على شيعة العراق ، وتم إصدار أوامر بسحب الدواعش الاجانب والعرب ، والحرب مع الدواعش المحليين فقط ، فانتصر العبادي مقابل تهريب الدواعش وتجميعهم في التنف ووادي حوران وبعض المناطق الكردية.
وهكذا كانت الاحزاب الشيعية وجماهيرها وشبابها تنتقل من حرب الى حرب  لم تهنأ ولم تهدأ جبهاتها ، حتى اذا تم التحرير ووضعت الحرب اوزارها جاءتنا اميركا بحرب لمواجهة الحشد وحله لأنه لم يعد له حاجة وانتهت مهمته بانتهاء داعش وهكذا بدأت التظاهرات الجوكرية وسب زعماء الشيعة وقادتهم  وشتموا  بأقذر العبارات ولم يسلم من هذا الاتجاه في السب والشتم حتى الشهداء والعلماء والمراجع ، بل ان زيارة الحسين عليه السلام أصبحت كذبة والملايين الذين يزورون الحسين ليسوا اكثر من كاذبين ، واصبح الشيعة قادة الفساد وسبب السرقات وسبب كل شيء ، واذا سرق البارزاني فبسبب الغمان الشيعة واذا ارتبط السنة بالارهاب فبسبب الجعفري والمالكي . وهكذا تم تسويق الشيعة على انهم غمان ودونية وذيول وهم علة كل الفساد في العراق ولا يصلح وضع العراق الا بكنسهم شلع قلع. وعملت القنوات المعادية كالشرقية والعربية والحرة ووو وآلاف مواقع الفيس والنت على ذلك لإثبات ان كل الفساد من الشيعة ومن الاحزاب الشيعية . طبيعي جداً توجد أخطاء كبيرة في كل عملية سياسية واقتصادية ويوجد فساد ولا يختلف اثنان على ذلك ، ولكن اذا كانت حصتنا نصف الثلث او أقل فلماذا يتم السكوت على 12/11 ويتم التركيز على 12/1 ؟ ان الانصاف يقتضي ان نشتم 11 مرة السنة والاكراد والاميركان والسعودية وتركيا ومرة واحدة نقول ان الشيعة مقصرون هذا على فرض ان كل الشيعة فاسدين وحرامية ، ولكن ما وراء الاكمة يمنع من كشف المستور.
وفي ختام المقال سأتحدث عن بطولات الغمان والدونية والذيول فهم اول من فرض على المحتل الاميركي ان يكتب العراقيون الدستور بأيدي عراقية منتخبة ، بينما كان مشروع اميركا حكومة عسكرية وبعدها حكومة احتلال وكانوا كلفوا فيليب حبيب لكتابة دستور للعراق.
ولما اُبلغ الاميركان بالموقف الشيعي حاولوا بكل الوسائل التملص منه ولكن زعامة الغمان في النجف وغمان ودونية الاحزاب اصروا وفشل بريمر في مشروعه .
وبعد ذلك أفشل الغمان أربعة مشاريع اميركية أولها  مشروع تحويل العراق الى بقرة حلوب مثل السعودية والبحرين والامارات ، فلما يئس الاميركان من ذلك ذهبوا لمشروع تقسيم العراق..فأفشله الشيعة الغمان ايضاً . ثم أرادوا تحويل العراق الى دولة داعش الإسلامية الباقية وتتمدد والتي هي امتداد للكيان الصهيوني ، ولكن الشيعة الغمان افشلوا المشروع بفتوى من سطرين ومليوني متطوع ساعدتهم إيران الشيعية بالخبرة والسلاح.
  فلما فشل المشروع جاء الجوكر ليقول إيران بره بره والحشد ما نحتاجه والزرفي قائدنا البطل نحو الخلاعة والعري... ولكن الشيعة الغمان أيضا افشلوا المشروع ولحد الآن هم صامدون ويقاومون وسيطرد هؤلاء الغمان القوات الاميركية من العراق ، وسيبقى الغمان غمان دائماً وما يرضون يصيرون بقرة حلوب . ورغم انتصار أعداء الشيعة عليهم في الفضاء المجازي وعلى قناة  الشرقية وقناة الحرة الأميركية وهي تشتم الشيعة ليل نهار حتى صدّق عدد غير قليل من شباب  الشيعة بأن قناة الحرة حرة وأصيلة ، ورغم انهم منتصرون على الشيعة بالفيس بوك والانترنيت والفضائيات ، بس المهم بقى الشيعة غمان ودونية وذيول وخصوصاً  بعدما جاء الفايروس  المخيف وفشلت اوربا واميركا بمواجهته ، وتأكد الجميع أنه لدينا جيش أبيض من الغمان والدونية والذيول ورغم أن هذا الجيش يحمي الحدود  ويمنع عبور الدواعش ويتعرض للقصف الاميركي والصهيوني في لحظة ، إلا انه داخل العراق يساعد الناس ويبني مستشفى ويعالج ويعفر المناطق ويدفن ضحاياهم ويساعد المحتاجين في بيوتهم في حملة تبرع ترفع الراس... وخلِ الجماعة شيكولون يكولون .
انا اخوكم الكناني افتخر اصير بوق لهؤلاء الغمان وذيل عدهم واقبل اياديهم.