تنوع نيوز. ايناس الوندي
في كل موسم أمطار، تتحول منطقة كاطون في محافظة ديالى إلى عنوان لمعاناة متجددة، حيث تكشف السيول عن واقع خدمي هشّ تعيشه إحدى أقدم مناطق تواجد الكورد الفيلية شرق العراق، وعلى مقربة من الحدود العراقية–الإيرانية. مشهد الشوارع الغارقة لا يُعد طارئًا، بل نتيجة سنوات طويلة من الإهمال وغياب مشاريع البنى التحتية.
جغرافيا مهمّشة على تخوم إيران
تقع كاطون شرق محافظة ديالى، ضمن الشريط الحدودي القريب من إيران، وهو موقع كان من المفترض أن يمنحها أولوية خدمية وتنموية. إلا أن المنطقة ما زالت تعاني من ضعف شبكات تصريف مياه الأمطار، وتهالك الطرق الداخلية، ما يجعلها عرضة للغرق مع أي موجة مطر متوسطة.
وخلال الأمطار والسيول الأخيرة، غمرت المياه عددًا كبيرًا من الشوارع والأزقة السكنية، مسببة شللًا شبه تام في حركة الأهالي، وتضررًا في الممتلكات، فضلًا عن مخاطر صحية متزايدة.
الطلاب… الضحية الأضعف
كان طلاب المدارس من أكثر المتضررين من هذه الأزمة، إذ اضطر العديد منهم إلى التغيب عن الدوام المدرسي لأيام متتالية بسبب غرق الطرق المؤدية إلى مدارسهم، في وقت حاول فيه آخرون الوصول سيرًا وسط المياه الراكدة والأوحال.
يقول أحد أولياء الأمور:
"أبناؤنا يخرجون إلى المدرسة وكأنهم ذاهبون لعبور مستنقعات، وليس إلى مقاعد الدراسة. نخشى عليهم من الأمراض ومن الحوادث، ومع ذلك لا توجد حلول."
هذا الواقع أثّر بشكل مباشر على انتظام الدوام المدرسي ومستوى التحصيل العلمي، خاصة في المراحل الابتدائية، حيث يُعد الغياب المتكرر عاملًا مقلقًا يهدد العملية التعليمية في منطقة تعاني أصلًا من قلة الخدمات.
رأي تربوي رسمي
وفي هذا السياق، أفاد مصدر في مديرية تربية ديالى بأن موجة الأمطار الأخيرة تسببت بتعطّل جزئي في دوام عدد من المدارس الواقعة في المناطق الطرفية، ومنها كاطون، نتيجة صعوبة وصول الطلبة والملاكات التدريسية.
وأكد المصدر أن المديرية رفعت تقارير رسمية إلى الجهات ذات العلاقة بشأن تأثير سوء البنى التحتية على سير العملية التعليمية، مشددًا على أن معالجة شبكات التصريف والطرق المؤدية إلى المدارس باتت ضرورة .
إهمال متراكم لا حلول له
يؤكد أهالي كاطون أن ما يحدث اليوم ليس جديدًا، بل يتكرر سنويًا دون تدخل فعلي، رغم المناشدات المتكررة للجهات المحلية. ويشير مراقبون إلى أن مناطق الكورد الفيلية في ديالى لا تزال تعاني من تهميش خدمي واضح، انعكس على مختلف جوانب الحياة، من التعليم إلى الصحة والبنى التحتية.
مطالبات بحلول عاجلة
يطالب سكان المنطقة بإطلاق مشاريع خدمية حقيقية، تبدأ بإعادة تأهيل شبكات المجاري وتصريف مياه الأمطار، وصيانة الطرق المؤدية إلى المدارس، بما يضمن حماية الطلبة وحقهم في التعليم، ويضع حدًا لمعاناة تتجدد مع كل شتاء.
ما بعد الأمطار
لم تعد فيضانات كاطون مجرد أزمة موسمية، بل مؤشرًا خطيرًا على واقع خدمي يحتاج إلى معالجة جذرية. فحين يتحول الطريق إلى المدرسة إلى مغامرة يومية، فإن ذلك لا يهدد حاضر الأطفال فقط، بل مستقبل منطقة كاملة ما زالت تنتظر العدالة الخدمية.