×

أخر الأخبار

خانقين تفقد “حلاوتها” برحيل كاك ياسين… صانع حلويات بابان وأيقونة السوق القديم

  • 24-11-2025, 13:40
  • 114 مشاهدة

خانقين . ايناس الوندي

 ودّعت مدينة خانقين اليوم واحدًا من رجالها التراثيين الذين شكّلوا جزءًا من ذاكرة السوق القديم، هو كاك ياسين بابان، صاحب محل حلويات بابان الذي ظلّ لعقود عنوانًا للطعم المحلي الأصيل ورمزًا لصبر أهل المدينة، خصوصًا في سنوات الحصار القاسية.

رجل من زمن السوق القديم
كان متجر كاك ياسين، الواقع في قلب “بازار خانقين”، أكثر من مجرد مكان لبيع الحلوى؛ كان محطة يومية لأهل المدينة، وواحدًا من تلك المحال التي تشبه صفحات كتابٍ يصعب أن يُعاد طبعه.
داخل المحل الصغير، تتدلى صواني الحامض حلو، وعلب الدولمة الحلوة الخانقينية، وقطع الخبيصة والسجق التي اشتهرت بها خانقين منذ عشرات السنين.

في زمن الحصار… حلويات بطعم الصمود

خلال سنوات التسعينات، حين كانت الأسواق فارغة إلا من الضروريات، حافظ كاك ياسين على استمرار المحل، حتى عندما كانت المواد الأولية شحيحة.
كان يصنع الحلوى بقدر ما يتوفر، ويُبقي أبواب المحل مفتوحة، وكأنه يقول لأهل المدينة:
"الحصار يمر… والناس تبقى".

بحسب روايات كبار السن، كان كاك ياسين يوزع الحلوى أحيانًا بدون مقابل للأطفال، ويخفض الأسعار للعوائل، خصوصًا في المناسبات الدينية، حفاظًا على عادات المدينة والتواصل الاجتماعي الذي ميّز خانقين عبر عقود.

"حلويات بابان"… علامة في ذاكرة خانقين

لم يكن الاسم مجرد عنوان لمحَل، بل أصبح جزءًا من هوية السوق.
المحل كان مقصدًا للزائرين من القرى المجاورة، ومرورًا للتجار العابرين، وملجأً للناس الباحثين عن شيء من الفرح في زمنٍ ضاق فيه كل شيء.

حتى بعد انتهاء الحصار، ظلّ كاك ياسين محافظًا على طريقته التقليدية في الصنع:
القدر النحاسي، النار الهادئة، والمكونات الطبيعية التي تعرفها البيوت الخانقينية.

وداع رجل عاش ببساطة وترك أثرًا كبيرًا

رحيل كاك ياسين اليوم أعاد إلى الذاكرة صورًا من خانقين التي كانت… خانقين التي تقف على مفترق الحياة بين الماضي والحاضر.
رجال مثل كاك ياسين لم يكونوا مجرد أصحاب محلات؛ بل كانوا جزءًا من روح المدينة، وجزءًا من هويتها التي تتشكل من الوجوه البسيطة والناصعة، لا من الأبنية أو الشوارع.

شهادات من أبناء المدينة

يقول أحد رواد السوق:

 "كاك ياسين ما كان تاجر… كان أب للسوق. كل من يعرفه يعرف طيبته وصبره وهدوئه. ما ننسا أيام الحصار، كان المحل مفتوح حتى لو ماكو شي."

وتقول سيدة من جيل التسعينات:
"حلويات بابان كانت طعم طفولتنا… الحامض حلو الدافي، وصينية الخبيصة أول يوم عيد."

إرث يبقى… حتى بعد الرحيل
قد يغيب كاك ياسين جسدًا، لكن حلويات بابان تبقى في ذاكرة خانقين، وفي روايات أهلها، وفي الصور القديمة التي لا تزال تتداوَل في صفحات المدينة، وفي الطعم الذي شكّل جزءًا من هوية المطبخ الخانقيني.

برحيل هذا الرجل، تفقد خانقين أحد شواهدها الشعبية؛ رجل عاش البساطة، وعمل بضمير، وترك وراءه أثرًا يشبه الناس الطيبين الذين يصونون المكان دون ضجيج.