قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني لبي بي سي إن "النظام في إيران ليس ضعيفاً كما يُصوَّر، و إنه قد ينهار سريعاً. إنه نظام له جذور مترسخة، وله مؤيدون وأنصار كثيرون".
وفي مقابلة حصرية مع بي بي سي، تحدّث السوداني عن رد الفعل الذي أبداه بعض من المعارضة الإيرانية تجاه الحملة العسكرية الإسرائيلية الأمريكية ضد البلاد.
إذ قال رئيس الوزراء العراقي إن "هناك سمة واحدة تميز الأمة الإيرانية، كأمة محبة للوطن، فحتى المعارضة وقفت بحانب النظام خلال هذه الحرب. وقد سمعنا عن شخصيات معروفة فعلت ذلك أيضاً".
لكنه حذّر من "الحسابات المتسرعة" بخصوص انهيار النظام بهذه السرعة، وهو ما قد يخلق "فراغاً أمنياً"، و"يزعزع استقرار" المنطقة بأكملها، التي هي بالفعل مضطربة وغير مستقرة.
وعند سؤاله عما إذا كان مثل هذا السيناريو يمكن أن ينجح، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على العراق على وجه التحديد، استخدم السوداني استعارة، وقال: "المنطق يقول إن اندلاع أي حريق في أي مكان في الجوار، سيمتد إلى جميع أنحاء المنطقة. لا أحد محصن ضد هذا الحريق".
وأضاف أن العراق لديه "قلق حقيقي وليس نظرياً" من أن تمتد الحرب إلى جميع أنحاء المنطقة.
وعلى الرغم من أن الهجوم الإسرائيلي على إيران كان مفاجئاً لكثير من الإيرانيين، فإن الحكومة العراقية كانت ترى مؤشرات على أن هناك حملة عسكرية في الطريق.
واستدرك السوداني في حواره لبي بي سي، قائلاً: "خلال الـ48 ساعة التي سبقت الحرب، كانت كل التقديرات - الأمنية والسياسية، وحتى وسائل الإعلام التي كانت تنقل الأخبار من الأماكن المعنية - تشير إلى أن هناك عملاً عسكرياً وشيكاً".
وقال إن العراق كان يحذّر جيرانه من مخاطر مثل هذا العدوان.
وخلال الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، استخدمت الطائرات الإسرائيلية المجال الجوي العراقي باستمرار لقصف أهداف في عمق الأراضي الإيرانية، وهو عمل وصفه السوداني بأنه انتهاك لسيادة بلاده. وقد قدّم العراق شكوى إلى الأمم المتحدة.
كما أعربت بغداد عن معارضتها لمثل هذا الانتهاك، لكن لم يستطع أحد منع المقاتلات الإسرائيلية من التحليق بحرّية مطلقة في الأجواء العراقية.
وأوضح السوداني: "نحن لا نملك منظومة دفاع جوي كافية ومزودة بتكنولوجيا متطورة لمواجهة مثل هذه الانتهاكات".
وأضاف: "كان هذا في الواقع بمثابة جر العراق إلى حرب لم يكن جزءاً منها".
ويواصل السوداني تصريحاته لبي بي سي، قائلاً: "بالتأكيد سنواصل خططنا، ولن نسمح لأي دولة - سواء كانت إسرائيل أو غيرها - بانتهاك أجواء العراق. سنستخدم كل الوسائل الممكنة".
وأكد السوداني أن العراق تسلم أجزاءً من منظومة الرادار، وسيستلم الجزء الأكبر منها خلال هذا العام.
وأضاف: "سوف نستقبل الشحنة الأولى من كوريا الجنوبية، لكننا نحتاج إلى المزيد، وكحكومة، سوف نسعى إلى تحقيق هذا الاستحواذ".
وقد انتقد رئيس الوزراء العراقي، خلال حواره مع بي بي سي، تعامل الولايات المتحدة مع انتهاكات الطائرات الإسرائيلية للمجال الجوي العراقي.
وأوضح أنه عندما أطلق الحرس الثوري الإيراني صواريخ باتجاه الأراضي العراقية، مستهدفاً قواعد أمريكية هناك، رداً على مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، أو عندما استهدف جماعات معارضة كردية إيرانية مسلحة في كردستان العراق - اتهمت الولايات المتحدة إيران باستمرار وبحزم بعدم احترام سيادة جارتها، لكنها لم تردّ بالمِثل عندما تعلّق الأمر بإسرائيل.
ويتفق السوداني على أن هذا "معيار مزدوج"، وأن مثل هذا النهج من جانب الولايات المتحدة من شأنه أن "يقوّض تلك العلاقة" بين بغداد وواشنطن كشريكين.
وعندما سُئل عما إذا كانت الولايات المتحدة قد نبّهت بغداد بأنها ستهاجم إيران، قال السوداني: "بالتأكيد لا!".
وقال إن الهجوم كان مفاجئاً، وإن الولايات المتحدة "لم تكن من المفترض أن تدخل الحرب كطرف واحد، لأن ذلك سيؤدي إلى مزيد من التصعيد. هذا ما حدث بالضبط، وهذا ما كنا نحذّر منه".
وانضمت الولايات المتحدة إلى الحملة الإسرائيلية، حيث نفّذت هجمات ضخمة على المواقع النووية الإيرانية.
ويأتي هذا في الوقت الذي كانت تهدد فيه طهران والجماعات الشيعية العراقية المتحالفة معها، باستمرار، باستهداف القواعد والمصالح الأمريكية إذا شارك الأمريكيون في الحرب على إيران.
وردّاً على تلك التهديدات، أعلنت السفارة الأمريكية في بغداد أنها ستجلي معظم موظفيها وعائلاتهم. وتم وضع القواعد الأمريكية في المنطقة - بما في ذلك تلك الموجودة في العراق - في حالة تأهب قصوى.
ولكن في نهاية المطاف، وبعد تحذيرات مُسبقة، ردّت إيران، منفذةً هجوماً على قاعدة العديد في قطر فقط، والتي تعمل كمركز القيادة للجيش الأمريكي في المنطقة.