في ليلة 21 آذار، حيث اعتاد الكورد الفيلية في خانقين على إشعال نيران نوروز في ساحاتهم التقليدية، حملت احتفالات هذا العام طابعًا مختلفًا، إذ امتزجت أجواء الفرح بالحداد، احترامًا لذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام، التي صادفت هذه المناسبة القومية.
وفي خطوة تعكس تمسكهم بموروثهم الديني والقومي معًا، قرر أهالي خانقين تغيير موقع إشعال النار، مراعاةً لجلال المناسبة، فنُقلت الاحتفالات إلى موقع مختلف، بعيدًا عن ساحات العزاء والمواكب الحسينية التي عمّت المدينة. وبالرغم من أجواء الفرح التي ترافق عادة عيد نوروز، غلبت مشاعر الحزن والتأمل على كثير من المشاركين، حيث ترددت كلمات "تهدمت والله أركان الهدى" وسط الدموع والنحيب، إحياءً لذكرى الإمام علي عليه السلام.
وفي الوقت الذي كانت فيه السماء تتزين بالألوان النارية احتفاءً بنوروز، كان البعض يتشح بالسواد، يقرأ المراثي، ويقيم مجالس العزاء، في مزيج فريد من المشاعر يجسد هوية الكورد الفيلية الذين اعتادوا على حمل إرثهم الثقافي والديني معًا.
خانقين، المدينة الحدودية التي كانت دائمًا ساحة لتلاقي الثقافات والتقاليد، جسدت هذا العام صورة استثنائية، حيث التقى الفرح بالحزن، وأضاءت النيران دروب الذاكرة والتاريخ، لتروي قصة شعب يجمع بين النضال والوفاء لتراثه، بين الأمل والحداد، وبين نوروز الذي يشعل الحياة، وذكرى الإمام الذي خلد قيم العدل والتضحية.
