متابعة .تنوع نيوز
"تعدّ التربية الأمنية من الركائز الأساسية في تعزيز الوعي الوطني والمسؤولية المجتمعية، ولها دور بالغ الأهمية في حماية الأفراد والمجتمعات من المخاطر التي قد تهدد استقرارهم وأمنهم.
لقد أدت الحاجة الملحة إلى التربية الأمنية إلى اهتمام العديد من الدول بها، إذ شهدنا تجارب ناجحة مثل تلك التي طبقتها كوريا الجنوبية وفنلندا، حيث أدرجت هاتان الدولتان التربية الأمنية في مناهجها الدراسية بهدف تعليم الطلاب مفاهيم الأمن السيبراني و الجرائم الإلكترونية، وتعريفهم بخطورتها.
إن استتباب الأمن هو مسؤولية مشتركة تتعاون فيها الأسرة والمدرسة معًا، ويجب أن تكون التربية الأمنية جزءًا أساسيًا في المناهج الدراسية لطلبة المدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية. هذا يتطلب اختيار مواد تهدف إلى توعية الطلاب وتثقيفهم حول أهمية حماية أنفسهم من المخاطر والآفات، مثل الإرهاب، المخدرات، و الجرائم بمختلف أنواعها، بالإضافة إلى حمايتهم من غسيل الأدمغة والتأثيرات السلبية عبر نصوص التكفير والكراهية التي تهدد السِّلم المجتمعي. كما يجب أن تتضمن المناهج بيانًا واضحًا لأهمية تطبيق القانون.
وفي العصر الرقمي، يُعدّ الفضاء الإلكتروني و شبكة الإنترنت، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات المتاحة على أجهزة الموبايل مثل الأندرويد و الآيفون وأجهزة الكمبيوتر، مصدرًا محتملاً للمخاطر إذا لم يُحسن استخدامها. قد يتعرض الطلاب للاستغلال من قبل أشخاص مجهولين على الإنترنت أو قد تُنتهك خصوصيتهم. لذا، فإن الثقافة الأمنية تلعب دورًا حيويًا في حماية الطلاب من هذه المخاطر وتعريفهم بكيفية استخدام التقنيات الحديثة بشكل آمن، وحماية حساباتهم الشخصية، وكذلك توعيتهم بالمخاطر وعقوبات انتهاك القوانين، والابتعاد عن الجرائم".
إضافةً إلى ذلك، تساعد التربية الأمنية في مواجهة التحديات الحديثة التي تهدد أمن المجتمع والفرد، وتساهم في تقليل نسب الجريمة في المستقبل.
إن مقترح إدراج التربية الأمنية في المناهج الدراسية يعد خطوة حيوية. يمكن لوزارة التربية إعداد منهج جديد أو إضافة مواد دراسية ضمن مادة الاجتماعيات التي تضمن تعليم الطلاب أمن العراق، وتعزز مفاهيم حب الوطن، وتوضح مخاطر الإرهاب والتطرف الفكري والديني وطرق تجنبها، كما تساهم في تعريفهم بكيفية التعامل الآمن مع التكنولوجيا، وحماية بياناتهم من الخداع و الاختراق، وتوعيتهم بأهمية الحفاظ على الأمن باعتباره أساسًا لاستقرار المجتمعات وتقدمها.
يمكن تطبيق تدريس منهج التربية الأمنية من خلال الطرق النظرية التي يقدمها المعلم، مع توفير وسائل إيضاح، بالإضافة إلى التدريب العملي الذي يمكن أن يقدمه المختصون في العلوم الأمنية من ضباط ومنتسبي وزارة الداخلية، الذين يمتلكون الخبرة اللازمة في هذا المجال. كما يمكن تدريب المعلمين على المواد العملية لتأهيلهم لتدريس هذه الموضوعات بشكل فعال.
ورغم الدور الكبير الذي تلعبه وزارة الداخلية في العراق من خلال المحاضرات والورش التي تُقدّم في الجامعات والمدارس للتعريف بخطورة الجرائم المادية والإلكترونية وطرق حماية المجتمع والطلاب منها، فإن التربية الأمنية باتت ضرورة ملحة وليست رفاهية. فهي تساهم في بناء جيل واعٍ، مزوّد بثقافة أمنية عالية، مما ينعكس إيجابًا على أمن العراق واستقراره ومستقبله".