×

أخر الأخبار

المقدسات وحاجتنا لها

  • 16-07-2020, 16:33
  • 359 مشاهدة
  • لقمان عبد الرحيم الفيلي

- انا وغيري من أفراد المجتمع نقول بأنكم يا شباب تشعرون بفقدان الأمل حتى قبل بدء دورة الحياة عندكم ككبار.  

- ولماذا تقول ذلك، نحن الشباب لدينا أمل ولكن ليس على مقاساتكم ومسطرتكم الجيلية.  

- كلما اتحدث، أو يتحدث أحد من كبار الدار، معك حول مستقبلك أو مجريات الحياة عامةً ترانا نسمع منك مفردات القاموس الشبابي السلبي نفسها، وفي الحقيقة إجابتك تتضمن مفردات مقلقة لنا مثل "اختنگنه، روحي طاگه، نفسيتي تعبانه، ملينا، لعبانه نفسي، فكو ياخه عني، عوفني بحالي"!  

- ما أقوله هو للتنفيس وكذلك لأنه يعكس ما في خلجاتي من مشاعر وأحاسيس مكبوته ومحبوسة.  

- وهل هذا يسمح لك بان تعكس اتجاهنا عدم شعورك بالوئام المجتمعي أو حتى مع نفسك؟ نحن بشر مثلك ولنا أحاسيس مثلك؟ ولدينا مشاعر وتطلعات ونعيش تحت نفس السقف، فرحتي وراحتي أن آراك في وئام مع نفسك ومعنا ومرتاح البال.  

- وماذا تريد مني أن اعكس وأنا أرى قطار الزمن يمر بسرعة ومن دون مبالاة لأي دور لنا في التأثير عليه، فوجودنا كعدمه.  

- بخصوص أهمية الزمن، تذكرت شيئاً، دعني اسأل في مفهوم أردت أن أسئله منذ مدة ولم أجد له إجابة عندكم أيها الشباب؟  

- تفضل..  

- ماذا تعني عندك المقدسات؟  

- لماذا تريد أن تعرف؟  

- إحدى أكبر آفات العراق اليوم هو فقدان المجتمع أفراداً وجماعات احترامهم للكثير من مقدسات المجتمع وبالتالي أصبحنا ضعيفي التمسك بمقومات المجتمع، مثل احترام الموقع المعين أو احترام المكان المعين أو احترام الشيء المعين، إذ علينا أن نحترمهم لا لشخصهم فقط بل لعنوانهم الوظيفي أو جغرافيته أو طبيعته.  

- ولكن الاحترام يكتسب ولا يعطى!  

- هذا صحيح لحدٍ معين ولكن يبقى العنوان حصناً ولو بقدر ضئيل. فاحترام أبويك وبرهما يبقى وإن كانت لك عليهم ملاحظات، ما يحصل في العراق الآن، ومن الكثير من العراقيين انفسهم، هو التسقيط المعنوي للكثير من مقدسات المجتمع.  

- لماذا تريد مني ان احترم شخصاً مسؤولاً اخل بالمال العام، او مكان ديني معين تعدى على حقوقنا كمواطنين؟  

- انا أناقش المبدأ ولا اريد ان ادخل في تفاصيل الأمثلة لاننا سوف نصرف وقتاً ثميناً من غير فائدة.  

- اتفق معك باننا فقدنا الكثير من القداسة للأشخاص والأماكن وحتى للمفاهيم مثل الاحترام والتقدير والاعتزاز.  

- المجتمعات لا يمكن ان تبنى وتتطور الا اذا كان لديها أسس مشتركة متعددة متينة، لا ان يصعد فلان كنجم اليوم ويسقط غداً وهلم جراً. نحتاج الى استقرار ذهني وروحي مع قامتنا الفكرية او السياسية او المجتمعية او الدينية، الشيء نفسه مع الأماكن، فحرق او تدنيس الأماكن المقدسة شيء غير محمود ولا ينتج جيلاً ذا اساس قويم، وإباحة هتك كل شيء هو فعل غير مقبول او بناء.  

- مثل ماذا؟  

- انظر لمواقع التواصل الاجتماعي، وحتى بين النخب في غرف وكروبات التواصل، فالتسقيط للكثير من الاشياء اصبح شيئاً طبيعياً الآن وتم تدجين الأغلب عليه، فهتك كرامة او شرف او ذمة الاخر امر طبيعي بل يشجع عليه، وكاننا في سوق او بورصة تسقيط وليس مجالس حوار او ديوانية افتراضية للنخب.  

- الا تراها كحالات خاصة ولا تعكس المجتمع، اي انها ظواهر شاذة وليس ظواهر اجتماعية؟ فروح الشباب استناداً لطبيعتهم تعني الثورة والهيجان.  

- وان كنت لم ارغب بالدخول في التفاصيل ولكن سأعطيك مثالين مشخصين حدثا قريباً لأعكس لك حجم الخلل المجتمعي وكارثة فقداننا للمقدس، عندما تحدث نكبة، مثل شنق فتى يافع وسط مركز العاصمة ووسط جمهور شبابي كبير لظنهم بفعله شيئاً مشيناً، او غرق عبارة وسط نهر نتيجة سوء إدامة ويغرق فيها العشرات، من كل الأعمار، في يوم عيد مبارك، وتمر الايام والليالي ولا نرى مراجعة مجتمعية او حتى نخبوية للحادثتين وكاننا تطبعنا عليها. فهذا خلل كبير، وهناك أمثلة كثيرة في ذاكرتنا قصيرة الأمد والطويلة ايضاً.  

- وما علاقتنا نحن الشباب بهاتين النكبتين؟  

- حديثي عن المجتمع والذي يشكّل الشباب فيه الان اكثر من النصف، عندما نتطلع على هتك المقدسات، لا تنتظر بعدها إصلاح الأمور الا حين يعاد المنتهك من المقدس لتقديسه. فكرامة الانسان وروحه شيء مفروض ان يكون مقدساً، أنا لا انظر للتقديس كما يراه كهنة المعابد، وعليه ارى حجم المشكلة وعمق الخلل المجتمعي.  

- ارى بأنك أنت غير المتفائل ولست أنا؟  

- لا ابداً، بل ارى عمق الخلل وضرورة البدء بالإصلاح بعد التشخيص ولعل اغلبها أمور متعلقة بهتكنا المستمر للمقدس بمعزل عن اثاره السلبية، وكأني ارى اننا نعمق الحفرة التي نحن فيها.  

- وكيف تريد منا ان نبني ونحن الشباب لا نملك آليات البناء؟  

للحديث تتمة