×

أخر الأخبار

المثل الأعلى – بين السؤال وحيرة الجواب

  • 16-07-2020, 16:26
  • 324 مشاهدة
  • لقمان عبد الرحيم الفيلي

بادرت بسؤال اخي, ذلك الشاب في ريعان الشباب عن أسباب تركه الدراسات العليا برغم توافر الفرص له ودرجاته الجامعية المتميزة تسمح له بذلك...  

فاتاني جوابه لسؤالي موجزا قائلا... أنت اخي الكبير وتوليت رعايتي بعد رحيل والدنا... لكن اترك عنك هذا الموضوع، "مالي خلگه".  

استطردت في محاورتي له قائلا: لا تزعل مني اذا الححت، فانت الامل والمستقبل، لما كلما تحدثت معك عن المستقبل تجيبني بإجابات قصيرة, جافة، قاسية علي وعليك؟ ... ماذا بك وانت في عنفوان شبابك والمستقبل امامك؟  
وأين انت من مقولة (ما بنيت روما بيوم) او (طريق الف ميل يبدأ بخطوة) وهي ليست بغريبة عن تربيتنا.  

جائني جوابه قائلا: انا احترمك واقدر حرصك علي، ولكن انت خلقت في زمن اخر، ونحن الشباب نعيش في عالم غير عن عالمكم، لا نحب نظامكم ولا منهجكم ولا نحب سكوتكم طوال هذا الزمن عن الظلم... و استمر في توضيح كيف انهم كشباب يحسون ان المجتمع في ضياع وتيه ولا توجد بوصلة توجهها باتجاه اهدافها النبيلة.  
باختصار.. اننا لا نعرف ماذا يعني المستقبل وما يضمره، وما يطلبه، وما يختمه.  
وختم جوابه لي بسؤالاً حيرني، اسكتني وافحمني واحزنني...  
قال مع كثرة الشخصيات العامة، وكثرة المال العام، ووجود الكثير من الحريات، هل من الممكن ان تحدد لي خمسة شخصيات من المعاصرين (اي الجغرافيا وليس التاريخ) تعتز بهم وتعتبرهم رموز وعنوان نجاح تفتخر بهم وتأمل مني ان اقتدي بهم؟  

حينها بدا الارتباك يراودني وإذا بأخي الصغير "الشاب الفطن" يلاحظ هذا ارتباكِ وعدم قدرتي على إعطاء اجابة سريعة، ويستمر بالحديث بالقول بان هناك أشخاص محترمون "لو خُليت لقُلبت" ولكنه أراد ان يعكس لي ان هذا التيه لا يخصه هو والشباب من امثاله فقط بل انه حالة الضياع المجتمعي، ضياع ينتج بقلة صعود الشخصيات المحترمة لقيادة المشهد المجتمعي، وعليه نرى اضمحلال الأخلاق وصعودا لاسماء هي في الحقيقة اشبه بانعكاسات اضواء من دون ان تكون نبراسا ونورا حقيقيا.  

عندها سألته، وكيف تريد ان تصحح الحال لكي ترى النور في نهاية النفق؟  

اصلح الحال؟!! هذه مسؤوليتكم انتم أيها الكبار...  
اي أب, او اخ كبير يريد ان يسلم الجيل الذي يليه تركته السياسية والاقتصادية الثقيلة, وخزائن اخلاقية فارغة؟  
تريدون منا ان نشيب قبل ان نرى الفرحة ونعيش بعض من شبابنا... اي انانية تمارسونها انتم كجيل يا اخي و تاج رأسي؟  

أجبته ... انكم لا تدركون حجم المأساة التي كنا نعيشها... بين ازمان التخبط وما تخللتها من حروب داخلية وخارجية وغيرها.  

فقاطعني على الفور، ووجهه محمر ونبرات صوته متقطعة، فقال نعرف ونسمع ونرى وووووو أسطوانة قديمة يعاد تسويقها دوماً كذريعة لفشلكم في ادارة اوضاعنا، خوفكم وقبولكم وتعايشكم مع الظلم طوال هذه المدة نتج ما نحن عليه اليوم.  
لدي الان موعد مع الأصدقاء لمشاهدة لعبة قديمة لبرشلونة مع الريال، ومن ناحيتي أفضل اللاعبين ميسي ورنالدو على كل رجالاتنا ورموزنا، على الأقل، ليونيل وكرستيان يعطياني فرحة ونشوة نجاح افتقدها في محيطنا.  
قلت للحديث تتمة يا اخي، فأنت لم تعطني المجال، ولا تتأخر بالسهرة.  

قال، أين نذهب؟ فالحظر وكورونا ألزمانا بان نلتقي وجهاً لوجه طوال اليوم والليل، مع السلامة ايها الشايب الطاهر.  

عندها ادركت كم اقترفنا من خطأ بتركنا لشباب المجتمع يتربى بالصدفة, وتبعاً لذلك أنشأنا فجوة بين الأجيال وفجوة مجتمعية واقتصادية وتعليمية بيننا وبين ابناءنا من الشباب...  
وتذكرت الآية الكريمة التي تقول ‫بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيْمِ {{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}}‫ صدَقَ الله العَظِيم  

اللهم احفظ شبابنا من الضياع و من شرور الزمان.