×

أخر الأخبار

الكورونيون وأسياد الأرض

  • 16-07-2020, 16:25
  • 358 مشاهدة
  • لقمان عبد الرحيم الفيلي

 س: من أَنت؟  
ج: أَنا إِسمي بَشَرْ،  
وكيلُ السماء لأُبشِّر الآخرين بالخير، على كوكبي الذي إِسمهُ الأرض.  

س: يا تُرى، من هم "الآخرون" المبشَّرون؟  
ج: هُمُ الطبيعة. . .السَّماء، اليابِسة والبَحر، ولا ننسى النباتات و الحيوانات طبعاً! إلى الأجرام الصغيرة والمخلوقات الأخرى...  

س: و بماذا أُكرِمت عن ما ذَكرت مِن الآخرين؟  
ج: أُكرِمتُ بِتَعكير صفوِ السماء بتلويثها بِدُخان المصانع،  
وبِتغيير عُضوية التُربة . . .  
وإِفساد عذوبة الماء وتسميمها،  
ناهيك عن تمدُدِنا الجغرافي الذي يُنقِص من نقاهة ومساحة هذه البحار والغابات،  
وبالتسبب في إِنقراض الحيوانات بسرعة قياسية،  
هذا بعض من اعمالنا.  

س: وما المطلوب من "الآخرين" بالمقابل؟  
ج: الطّاعة المُطلقة!  
وعدم الإِعتراض،  
والقبول بإِجراءاتنا وإِن كانت تعسُّفية،  
وتطبيق أوامرنا وإِن كانت ذا نتائج عكسيَّة علينا وعليهم!  
هُمِ الخَدم! ونَحنُ السادة. . .  
هُمِ الآلة ونُحنُ المستخدمون لها من دون رعاية لادامتها وتحسينِها وتطويرِها.  

س: وماذا لو إِعترضوا؟  
ج: هذا غيرُ مُتاح، وغيرُ مُباح!  
هذا أَقرب لِلسراب من الحقيقة.  
مستحيل،  
يحلمون.  

س: أَتسمح لي بِسؤال آخر؟  
ج: تفضّل،  

س:ماذا تعني لكم جرثومة كورونا الان؟  
ج: آه، تعني عهدا جديدا،  
انقلابا كبيرا في سلوكنا، وأفكارنا، ومعتقداتنا، وأُسلوب معيشتنا!  
نحلم بحريّة الماضي،  
نخافُ سِجنَ الحاضر،  
نترقب المستقبل، مع تحفُظِنا إتجاه ما نجهله فيه،  
بَعُدَ الأصدقاء،  
أَحباؤنا ليسوا محيطونَ بِنا - تَجمَعُنا شاشة صغيرة،  
احتضان الوالدين أََصبح جريمة في حقهم،  
لا نزور ولا نُزار. . .  
اللّمس محذور،  
السفر ممنوع،  
العطاس مكروه،  
الصلاة في بيوتنا فقط.  

أَشكرك على الإِجابة على أسئِلتي، كان لي سؤال أخير ولكنّي سأُعرِض عنه الآن.  

تفضّل، إِسأَل، كلّي آذان صاغية.  

كنتُ أَودُ أَن أَسأَل،  
كيف لِجرثومة لا تُرى أَن تنشر كل هذا الذعر، و أَن تكون بليلة وضحاها كفيلة بقلب الحياة رأساً على عَقِب بين بني البشر، هل ترى من مفرٌ منها؟  
ولكن بعد سماع إجاباتك على أَسئلتي السابقة، أعتقد أن وُكلاء السَّماء، وأَسيادُ الأَرض انتم البشر "الإنسان العاقل" تعتقدون أنكم في سيطرة تامة على هذا الوباء وتبعاته، ولا تحتاجون الى توصية؟!  
توقف، لحظة من فضلك. . .  

نعم، نحتاج، فنظم البيئة، وهي نسيجُ الحياة الذي نعتمد عليه جميعنا، تتراجع بسرعة بسبب إجراءاتنا وطغياننا.  
ولكن لا يزال هنالِك المتسع من الوقت لإنقاذهم، وإنقاذًنا!  
جائحة كرونا حلّت على الجميع لِتُلقِنّا درساً قاسياً جداً لكنه ضروري، علَّمتنا بأَننا سنقطف ثمار محاسن ومساوِئ أَعمالِنا في الدُنيا قبلَ الآخرة.  

فلنفكر . . .لنتعظ، ولنتعلم من هذا الدرس ونغيّر انفسنا إلى الأفضل!  
‫بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيْمِ‬ {{وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}}صدَقَ الله العَظِيم  

انتهى اللقاء