×

أخر الأخبار

خاطرة أحد أولاد الشهداء:

  • 8-06-2020, 15:26
  • 336 مشاهدة
  • ابن شهيد

كنت بين الفينة والأخرى أذهب الى السفارة العراقية لإستحصال شهادة حياة، والتي هي إحدى المتطلبات لكي يستمر راتب تقاعد الشهداء الذي يمنح لي كوني إبن شهيد (حوالي مئتان وعشرون الف دينار فقط لاغير). والدي الشهيد الذي أُعدم وصودرت أملاكه المنقولة وغير المنقولة كونه كان معارضاً رسالياً للنظام الدكتاتوري المتسلط على شعبنا المنكوب، خدم لأكثر من خمسة وعشرين عاماً في تربية الأجيال على مباديء وقيم السماء .. عذبوه وأعدموه ولا نعلم له جثمان ولا حتى قبر ..
وعند مراجعتي للسفارة كنت أصادف ذلك الجلاد الذي كانت وظيفته تعذيب والدي ورفاقه في زنزانات البعث المجرم .. أراه يراجع أيضاً للحصول على شهادة الحياة لكي يضمن إستمرار راتبه التقاعدي (الذي يفوق راتبي بأضعاف مضاعفة) .. تقاعده عن الخدمة التي كانت عبارة عن سلخ جلود الطيبين والأخيار من أبناء بلدي .. يالها من مفارقة عجيبة ومشهد مؤلم يجمع الضحية مع الجلاد ..  تكرر لعدة أعوام ..
ولكن مؤخرا وبجهود الذين صاروا يحكمون البلد وخدمة منهم لعوائل الشهداء، تم وقف هذا المشهد المأساوي لي وذلك بقطع راتبي الرمزي والذي يمثل راتب تقاعد الشهيد .. فما عدت أذهب الى السفارة وصار جلاد الشهيد يذهب لوحده دون مزاحمة من أحد لأستلام راتبه المجزي بكل زهو وتبختر..
رحمك الله ياوالدي وأعلى مقامك .. ولعن الله جلادك ومن منحه الهبات والتقاعد لخدمة قضاها في تعذيبك والتنكيل بك .. ( وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ )