×

أخر الأخبار

الوزير المتظاهر أم الوزير الشاعر؟

  • 27-05-2020, 16:46
  • 289 مشاهدة
  • حسين القاصد

عشرات المقالات والمنشورات، انتشرت على هذا الفضاء الأزرق دعما لأحد الشعراء لتسنم منصب وزير الثقافة؛ وقد انقسم كتاب هذه المقالات على صفة المرشح التي تؤهله لقيادة وزارة الثقافة؛ فمنهم من رشحه شاعرا أقام مهرجانا لدورتين ونجح فيه حين كان رئيسا لاتحاد محافظته؛ ومنهم من رشحه لأنه ناشط مدني خرج على الفساد لإصلاح العملية السياسية؛ وكلاهما على صواب وله الحق في دعمه وترشيحه.
لكن، دعونا نناقش الصفتين؛ فأما الشاعر ورئيس الاتحاد الفرعي وصاحب المهرجان الناجح بدورتيه، فهو يستحق الدعم لكن بعد أن نعرف الداعم للمهرجان الناجح ( عالم الشعر) فقد كان بدعم من محافظ النجف السيد عدنان الزرفي أيام مشروع النجف عاصمة الثقافة الإسلامية؛ وهنا نقف قليلا لنراجع حالة مشابهة تماما، قام بها شاعر كبير هو الدكتور حامد الراوي وأعني مهرجان بغداد الدولي الذي أقامه الراوي ايام بغداد عاصمة الثقافة العربية ونجح أيما نجاح وكان وقتها مستشارا لوزير الثقافة؛ وقد توقف المهرجان للأسباب نفسها وهي اختفاء الدعم.
ومثلهما فعل كاتب هذه السطور وأقام مهرجان ( هنا العراق) تحت ازيز الرصاص واشترك فيه جمع غفير من الأدباء والفنانين عراقيين وعربا وافدين؛ وامتلأ المسرح الوطني في افتتاحه لدورتين؛ وزار المشاركون موقع مجزرة سبايكر! لكن توقف المهرجان لاختفاء الدعم أيضا.
صار لدينا ثلاثة شعراء أقاموا ثلاثة مهرجانات استمرت لدورتين ثم انتهت بعد انتهاء الدعم.
الآن، وبعد أن تساوى لدينا النجاح الإداري لثلاثة شعراء، منهم من لم يرشح لوزارة الثقافة ولم تنضج حملة لدعمه وهو د. حامد الراوي، ومنهم من ظهر اسمه في إحدى القوائم قبل أيام من التصويت على الحكومة ونفى رغبته في ذلك وأعني كاتب هذه السطور ، ومنهم من التقى السيد الكاظمي لكن رفضته الكتل السياسية وأعني الذي أقيمت حملتان إحداهما لدعمه بعد أن رفضته الكتل السياسية والثانية لتسقيطه من وجهة نظر من لا يثق به وزيرا؛ صار علينا أن نناقش وضع الأخير بهدوء تام .
إذا كان ترشيحه نابعا من الثقة بادارته فقد طرحنا مثالين متشابهين له؛ وإذا كان ترشيحه حبا بشعره فكاظم الحجاج وطالب عبد العزيز لم يرشحا حتى لاتحاد أدباء البصرة؛ ولعل الأول يستحق أن يكون رئيسا لاتحاد الأدباء العرب.
أما إذا كان ترشيحه لأنه ناشط مدني ومتظاهر فعلينا أن نتذكر انه لم ينزل إلى ساحات الرفض الا بعد غياب السيد الزرفي عن مصدر القرار في النجف الاشرف، بعد اعفائه من منصب المحافظ، في هذه اللحظة تحديدا تحول الموظف الجامعي حامل شهادة البكالوريوس إلى متظاهر وواصل دراسته ليحصل على الماجستير.
هنا تحديدا علينا أن نتساءل كيف لنا أن نجبر ساسة رفضوا المحافظ الداعم للشاعر المرشح ؛ وكيف لنا أن نجبر الساسة على التصويت لمن خرج عليهم واتهمهم بالفساد والان اختار أن يكون معهم؟
إذا كان لابد من شاعر لوزارة الثقافة فماذا عن أجود مجبل الذي نزل للساحات بقصائده وفاز بجائزة الإبداع للعام الماضي وهو الذي لم يترك لحظة من التظاهرات دون توثيقها شعرا.
علينا التحلي بالهدوء والتخلي عن العاطفة لكي نتمسك بشيء من وزارة الثقافة؛ فكيف لنا أن نصالح الشاعر مع من خرج عليهم لكي يصوتوا عليه بعد أن رفضوه حين طرح اسمه السيد الكاظمي.. تعالوا إلى فريق ثقافي واحد يمثل ثقافة البلاد بكلمة واحدة ولنبتعد عن الشخصنة والمصالح الضيقة لكي لا ننشغل بالتسقيط فيما بيننا وتضيع منا وزارة الثقافة.
ولا أشك في حرص أي مثقف حقيقي على ثقافة البلاد؛ لكن لنتجنب العواطف قليلا ؛ لاسيما أن الحكومة الجديدة هي حكومة تمهيد وعمرها قصير لا يتجاوز تنفيذ مطالب المتظاهرين.
لكم مني خالص الحب والتقدير