حينما فكرت بالكتابة عن روح الله الخميني(رض) في ذكرى رحيله هذا العام تبادرت لذهني هذه الحكمة العظيمه لأمير المؤمنين الامام علي عليه السلام:_ ((قيمة كل امرئ مايحسنه))
هذه الحكمة التي قال عنها الجاحظُ، في كتابه البيانِ والتبيين:”لو لم نَقِفْ من هذا الكتاب، إلاَّ على هذه الكلمة، لوجدناها شافية كافية، ومجْزِيةً مُغْنِيةً، بل لَوَجدناها فاضلةً عن الكِفاية، غيرَ مقصِّرةٍ عن الغاية”.
فقلت في نفسي ماذا لو استصحبت مقياس الجاحظ لحكمة أمير المؤمنين ع _آنفة الذكر _مع ماقاله حكماء الدهر وأجزت عنها ، وأقوم أنا أيضاً بوضع منجز الامام الخميني (الدولة) قبالة ما تم إنجازه من قبل المصلحين جميعاً خارجا عن نطاق نتاج أهل العصمة ع.
لاكتشف بعدها أن تأسيس الدولة الاسلامية هو الحدث الذي ينبئنا عن كنه شخصية الخميني العظيم ويكشف لنا قيمته الحقيقية.
فخاصية تأسيس الجمهورية الاسلامية تجعلها مختلفة بكل المقاييس عن تأسيس أي دولة أخرى في العالم وهي بالمحصلة خاصية فريدة تمتع بها روح الله .
أولا :- لان الامام الخميني كان منظر هذه الدولة ومفكرها وخطيبها الاول والابرز
ثانيا:- أنه عاش كل فصولها الجهادية وكابد لاجلها كل المحن والعذابات ولم يكن مجرد مفكر اعتمد الثائرون نظريته وتحققت على أيديهم الثورة واسست الدولة كما هو الحال بالنسبة لمونتسكيو ،وجان جاك روسو ، الذين تأثرت الثورة الفرنسية بافكارهم وتنظيراتهم .
ثالثاً:_ أن الامام الخميني أسس الدولة على أساس الدين الاسلامي وفقه أهل البيت عليهم السلام . فمن جهة ان العالم قد وأد الدولة الدينية وغادرها بشكل نهائي الى الدولة القومية ومن جهة أخرى فإن مذهب أهل البيت ع واتباعهم يشكلون اقلية في العالم الاسلامي ولعلهم مورد استهجان ماكان متوعاً أن ينجم عنهم هذا الانجاز العظيم
رابعا:_ أن الامام الخميني هو الذي قاد الثورة وأشرف على بناء الدولة أي انه لم يفجر الثورة فحسب بل عمل على بناء الدولة لبنة لبنة بيده الشريفة
خامسا:-أن الامام الخميني حول رؤيته لمنهاج فكري سلكته الجمهورية الاسلامية في حركتها بشكل عام
سادسا :_ تمكن من وضع هذه الدولة بخدمة الاسلام بل وجميع المستضعفين في العالم بقناعة تامة من الشعب الايراني رغم ان لهذا المنحى ضريبته الباهضة التي دفعها الشعب الايراني ولايزال
ان هذا المنجز العظيم (الدولة) ليس حدثاً عابرا بل انه من الخطورة بمكان لدرجة أن بعض الشخصيات العظيمة لاتجرؤ على ان تحدث نفسها فيه ولايخطر لها ببال .
وشاهدنا وعايشنا كيف أن شخصيات كبيرة وعلى جانب من العلم مرموق جدا اخفقت
بادارة مشاريع محلية محدودة أو انها غيرت منهجيتها الرسالية .
لقد انهارت قامات عظيمة أمام التحديات وقدمت التنازل عن مبادئها وثوابتها لكننا شاهدنا كيف أن الامام الخميني قاد الثورة واسس الدولة رغم انها شُنت عليها حربا كونية وهي في بواكير تأسيسها وتم أغتيال اغلب القادة المؤثرين من حوله حتى بقي وحيدا في ميدان مواجهة الاستكبار العالمي برمته.
وبدلا ان يتزحزح او يتقهقر عن ثباته وصلابته راح ينذر الامبراطوريات العظمى كالاتحاد السوفيتي ويحذرهم من مغبة الابتعاد عن الدين ويعرض عليهم المساعدة لتصحيح المسار المادي والمعنوي .
لقد تمكن الامام الخميني ان يغزي العقول ويتخطى الاطر الجغرافية والقومية وحتى الدينية ليكون رمزا للحرية والاباء والصمود لكل احرار الارض
فهذا ما انجزه الخميني العظيم على صعيد(الدولة) فحسب اما اذا اردنا الخوض في مجالات اخرى فسيطول بنا المقام .
لكن منجز الدولة هذا هوالذي اخبرنا بأن الخميني بات أمة بل هو ضمير الامة وهوية الامة وحياتها ونصرها آلاتي المرتبط بالظهور المقدس لبقية الله الاعظم عجل الله تعالى فرجه الشريف