أكد رئيس هيئة النزاهة الاتحاديَّة رئيس الشبكة العربيّـة لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد حيدر حنون، اليوم الأربعاء، على أهمية مراجعة التشريعات المتصدية للفساد، فيما أشار إلى ضرورة إيجاد آليات مُبتكرة ورسم إستراتيجيات فعَّالة تُسهم في استرداد العوائد المُهرَّبة.
وقال حنون في كلمته باختتام أعمال الملتقى الإقليمي للشبكة العربيَّة لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد المنعقد في العاصمة بغداد تحت عنوان "تعزيز التعاون من أجل إستراتيجيات وطنية فعّالة لمكافحة الفساد"، وتلقتها وكالة "تنوع نيوز" : إنه "يجب مراجعة التشريعات المُتصدّية للفساد وجعلها مواكبة للتحدّيات، والإفادة من الحوكمة في الإصلاح الإداري وللحد من هذه الآفة، والسعي للارتقاء بأداء مختلف القطاعات المُهمّة فيما يصبُّ في تقديم الخدمات الفضلى للمواطنين من جهةٍ وتحقيق التنمية من جهةٍ أخرى"، مبينا، أن "تمازج الجهود الرسميَّة المُتمثلة بمؤسَّسات القطاع العام، والمنظمات المجتمعيَّة يمثل أساس النجاح في مُواجهة آفة الفساد".
وأضاف، أن "الشبكة العربيَّـة تعتبر مثالا لهذا التمازج الناجح بين أجهزة مكافحة الفساد والمُنظَّمات والفعاليات المُجتمعيَّة"، مُشيداً، "بالجهود المبذولة والنقاشات المُعمَّقة والرؤى والمقترحات المُقدَّمة خلال جلسات الملتقى التي من المُؤمَّل اعتمادها خطة عملٍ بمُؤسَّسات مكافحة الفساد في المنطقة العربيَّـة".
وحضر المُلتقى أكثر من 150 مشاركاً من 12 دولة عربيَّـة منهم رؤساء وممثلون عن هيئات النزاهة ومكافحة الفساد والأجهزة الرقابيَّة، ومسؤولون في الوزارات المعنيَّة بالصحَّة والتربية والتعليم والنقل العام، إضافة إلى عددٍ من الخبراء ومُمثّلين عن مُنظَّـماتٍ إقليميَّةٍ ودوليَّةٍ، استعرض واقع الجهود المبذولة لوضع وتنفيذ إستراتيجياتٍ وطنيَّةٍ لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في المنطقة العربيَّة، مع التركيز على الكيفية التي تمّ وضع الإستراتيجيات بواسطتها، والرؤية والأهداف والنتائج المتوخّاة، وآلية الرصد والتقييم المعتمدة، والنتائج المتحقّقة كاعتماد إصلاحات قانونية ومؤسَّسية وقطاعيَّة أو إصدار إدانات جزائية واسترداد أموالٍ متأتية عن الفساد.
واشتملت فعاليات الملتقى جلسات موازية تضمَّنت نقاشاتٍ وحواراتٍ مُكثَّـفة ضمن ستة محاور، هي: تحصين صياغة النصوص القانونيَّة من مخاطر الفساد، وتدعيم سلوكيات الوظيفة العامة، والتعاون عبر الحدود في شأن التحقيق بجرائم الفساد، وتعزيز النزاهة في قطاعات الصحة والتربية والتعليم والنقل العام، تم خلاها تبادل وجهات النظر وتقديم اقتراحات واستعراض واقع الجهود المبذولة في المنطقة العربيَّة في شأن كلّ منها، وأبرز الممارسات الجيدة والدروس المستفادة التي يمكن أن تثري الجهود المستقبلية في تلك القطاعات.
وتمخَّضت عن الملتقى بعد الحوارات والنقاشات والرؤى وعرض التجارب المختلفة والمقترحات التي تخللت الجلسات الموازية، توصيات تسع، هي:
أوّلًا: متابعة العمل على وضع وتنفيذ إستراتيجيات وطنية منسقة وفعالة لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ حكم القانون وحسن إدارة الشؤون والممتلكات العمومية والنزاهة والشفافية والمساءلة وفق ما تقتضيه المادة الخامسة من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والمادة العاشرة من الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد.
ثانيًا: الإشادة بالتقدّم النسبي المحرز لناحية تعزيز النهج التشاركي في وضع السياسات العامة المتعلقة بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ودعوة الأطراف المعنية إلى تعميق هذا النهج وتوسيع نطاقه ليشمل من ناحية أولى قطاعات محورية في سياق العمل على تحقيق التنمية المستدامة مثل الصحة والتربية والتعليم والنقل العام، ومن ناحية ثانية أطرافًا غير حكوميين من المجتمع المدني والقطاع الخاص والمجالين الأكاديمي والإعلامي.
ثالثا: التأكيد على أهمية اعتماد وتطبيق آليات فعالة لرصد وتقييم ومتابعة تنفيذ الإستراتيجيات الوطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ومن ضمنها مؤشرات مناسبة تجمع بين المؤشرات المنتجة دولياً والمؤشرات المنتجة وطنياً، مع وضع ونشر تقارير دورية مخصصة تبيّن التقدُّم المحرز بشأنها والنتائج المتحققة على أرض الواقع بما في ذلك التحديات والدروس المستفادة.
رابعًا: إرساء توجهات استباقية في مواجهة الفساد من خلال بناء القدرات ودعم المبادرات التي تسعى إلى سد الفراغ التشريعي في مختلف المجالات وتحصين صياغة النصوص القانونية من مخاطر الفساد، وذلك من خلال منهجياتٍ علميةٍ وآليات تعاون مُمأسَّسة وفعَّالة ينخرط فيها المشرعون والجهات الإدارية والقضائية المعنية، إضافة إلى خبراء وأكاديميين وممثلين عن المجتمع.
خامسًا: الدعوة الى توسيع المقاربة المعتمدة بشأن العمل على تدعيم الأخلاقيات والسلوكيات في الوظيفة العامة لتشمل المجالات السياسية والإدارية والقضائية، إضافة إلى مجالات أكثر تخصّصًا كما تقتضي الحاجة، مع الإشارة إلى أن التجارب المقارنة أثبتت أن المُدوّنات ذات الصلة غير كافيةٍ وحدها، بل توجد حاجة إلى ترسيخ نظم متكاملة في هذا الشأن تشتمل على نصوصٍ دستوريةٍ وتشريعيةٍ وتنظيميةٍ ومدونات وأدوات تطبيقية وبرامج تدريبية وتوعوية تستفيد من مختلف العلوم ذات الصلة، إضافة إلى آليةٍ لقياس أثر هذه البرامج على الأداء الفردي والمؤسسي في القطاع العام.
سادسًا: الحث على تطوير آليات التعاون عبر الحدود في شأن التحقيق بجرائم الفساد، وذلك من خلال تحديث الأطر القانونية والمؤسسية التي تساعد على ذلك (مثل الإجراءات الجزائية والتصاريح عن الذمة المالية، وحق الوصول إلى المعلومات، ورفع السرية المصرفية وغيرها)، والتشجيع على الدخول في اتفاقات ثنائية ومتعددة الأطراف في هذا الشأن واستخدام اتفاقية الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد كأساس للتعاون القضائي والمساعدة القانونية المتبادلة، إضافة إلى بناء برامج تدريب مشتركة على مستوى المنطقة العربية في مجالات التحقيق بجرائم الفساد والجرائم المتصلة بها لا سيما غسل الأموال، وما ينبثق عنها من مهارات ومعارف ذات صلة باسترداد الأموال إلى الدول المطالبة.
سابعًا: تشجيع العمل على تطبيق منهجية إدارة مخاطر الفساد القطاعية في المنطقة العربية، بالاستفادة من التجارب الغنية التي تم استعراضها خلال اللقاء؛ بغية مواكبة الجهود الإصلاحية المبذولة في القطاعات ذات الأولوية بالنسبة لاقتصادات الدول واحتياجات المواطنين والمواطنات، وبما يؤدي إلى إثراء الإستراتيجيات الوطنية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد من خلال مقاربة قطاعية ناجعة ذات مردود تنموي ملموس وقابل للقياس.
ثامنًا: إطلاق العمل على تأليف ستة فرق خبراء إقليمية بناءً على الخلاصات التفصيلية التي تمَّت صياغتها في إطار مجموعات العمل المنعقدة خلال اللقاء الإقليمي، وذلك في قطاعات ثلاثة (الصحة والتربية والتعليم والنقل العام) وفي مجالات ثلاثة (تحصين صياغة النصوص القانونية من مخاطر الفساد، وإرساء نظم الأخلاقيات والسلوك في الوظيفة العامة، والتعاون عبر الحدود في شأن التحقيق بجرائم الفساد).
تاسعًا: إعادة التأكيد على أن استرداد الأموال المتأتية عن جرائم الفساد هو أولوية إقليمية وجزء لا يتجزأ من مقتضيات نجاح العمل على حماية الاقتصاد والمجتمع من خطر الفساد، ودعوة جميع الدول الشريكة والمنظمات والإقليمية والدولية إلى مزيدٍ من الانفتاح، وتعزيز التعاون في هذا المجال الحيوي؛ بغية تحقيق العدالة وتمكين الشعوب من استعادة ثرواتها