×

أخر الأخبار

تكليف السيد الكاظمي من الناحية الدستورية ومن الناحية السياسية

  • 11-04-2020, 11:46
  • 265 مشاهدة
  • د . جواد الهنداوي *

*سفير سابق لجمهورية العراق رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات
تّمَ التكليف وفقاً و متطابقاً لنص المادة ٧٦ من الدستور ، اولاً و خامساً .
وفقاً للفقرة اولاً من المادة المذكوره ، ترشيح السيد الكاظمي جاء من الكتلة النيابية الأكثر عدداً ، وكما بيّنا في مقالات سابقة عن الموضوع ، نحنُ نرى لزومية أنْ يكون المُرشّح من الكتلة النيابية الأكثر عدداً ، سواء تم التكليف بموجب اولاً او ثالثاً او خامساً من المادة ٧٦ مِنْ الدستور . فشل المرشّح الأول والذي تّمَ اختياره او ترشيحه من الكتلة الأكثر عدداً في نيل ثقة مجلس لا يفقد حق الكتلة النيابية الأكثر عدداً في اختيار مرشح آخر ، وتقديمه الى السيد رئيس الجمهورية ،ليقوم السيد رئيس الجمهورية بتكليفه بتشكيل الحكومة على أمل نيل المرشح والمُكّلف ثقة مجلس النواب . تسميّة مُرشّح لرئيس الوزراء هو من صلاحية مجلس النواب ، ومن خلال الكتلة النيابية الأكثر عدداً ، وليس من صلاحية رئيس الجمهورية ، ولذا اعتبرنا في مقالنا السابق ، بتاريخ ٢٠٢٠/٤/٦ بأنَّ قيام السيد رئيس الجمهورية بترشيح وتكليف السيد الزرفي هو اجراء مخالف للمادة ٧٦ مِنْ الدستور .
ما هو مفهوم الكتلة النيابية الأكثر عدداً ؟
في كتابنا الموسوم ” القانون الدستوري والنظم السياسية ” العارف للمطبوعات ،بيروت ،يناير عام ٢٠١٠ ، تناولنا بإسهاب مفهوم الكتلة النيابية الاكثر عدداً ،ص ٣٥٦ و الصفحات التالية .
الكتلة النيابية الأكثر عدداً هو كيان حزبي نيابي مُتغير و ليس ثابت : مُتغيّر في تشكيلته مِنْ وقت لآخر ، قد تكون تشكيلتهِ ،عند اعلان نتائج الانتخابات ، ليس كما هي عند الجلسة الأولى لمجلس النواب . و قد تكون تشكيلتهِ عند اختيار مُرّشح لرئيس الوزراء وتقديمه لرئيس الجمهورية لغرض التكليف ( السيد الكاظمي ) ،كما هو الحال الآن ، ليس كما هو عند الجلسة النيابية لمنح الثقة للسيد الكاظمي .
مفهوم الكتلة النيابية الأكثر عدداً يعني اليوم ” المكّون النيابي الشيعي ” ، او على الأقل ،كتلة نيابية نواتها مِنْ المكّون الشيعي ! و تصريح الأحزاب الكردية ، وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني ، بانهم لا يصّوتون على مُرشّح لا يحظى بمقبولية من الإجماع الشيعي ، خير تعبير عن ” المعنى السياسي ” لمفهوم الكتلة النيابية الأكثر عدداً. هكذا يفهمون الشركاء النيابيين للمكوّن الشيعي ( المكون السني والمكون الكردي والمكونات الاخرى ) معنى ” الكتلة النيابية الأكثر عدداً.
الكتلة النيابية الأكثر عدداً يعني سياسياً ” توافق البيت الشيعي او المكون الشيعي ” على المُرشح لرئاسة الوزراء ، وهذا ما حصل في ترشيح السيد الكاظمي .
و المعنى السياسي لمفهوم ” الكتلة النيابية الأكثر عدداً ” ( توافق البيت الشيعي ) ، يتطابق تماماً مع المعنى الدستوري للمفهوم . بل والمطلوب دستوريًا من مفهوم الكتلة النيابية الأكثر عدداً هو ضمان حصول المرشح على ثقة مجلس النواب ، و تزداد حضوظ المُرشح لرئاسة الوزراء بنيل الثقة كُلّما كبرت و اتسعت و ازدادت الكتلة النيابية الاكثر عدداً .
يتزامن مجئ السيد الكاظمي في مرحلة، أجدها سياسياً إيجابية عراقياً و عربياً و دولياً ، و اقتصادياً حرجة ليس فقط للعراق ، و إنما للعالم بأسرهِ ، الامر الذي يخففُ عليه لومة لائم ، و يدعو الشعب والطبقة السياسية الى تفهّم ما تتخذه الحكومة المقبلة من إجراءات والتضامن معها .
حظيَّ تكليف السيد الكاظمي بأجماع سياسي عراقي ( المكون الشيعي والكردي والسني )، وبترحيب إيراني رسمي ، و كذلك بترحيب ضمني أمريكي . و لهذا التوافق الوطني والدولي دوراً ايجابياً في ضمان نجاح مهمته .
يأتي السيد الكاظمي و الامريكان عازمون ، وبجدّية ، على الرحيل ، والجميع، كباراً و صغاراً ، مُتعبون و منهمكون في امورهم و شؤونهم و مواجهة وباء الكورونا و انخفاض أسعار النفط و اعادة ترتيب أولوياتهم الاستراتيجية ،على اثر التحديات والمتغيرات .
المرحلة السياسة التي سيعيشها السيد الكاظمي ،هي مرحلة ترسيخ مفهوم وسيادة الدولة داخلياً و خارجياً، وستعينه الظروف التي يشهدها العالم في ذلك : سيادة داخلية حين يفلحُ في تعزيز امن الدولة وجعل الجميع يعمل من اجل امن و مكانة الدولة ، جعل الجميع يدرك ان السيادة الخارجية للعراق هي مِنْ تحقيق و ترسيخ السيادة الداخلية للعراق .
لا هيبة و لا مكانة خارجية لجمهورية العراق عندما نفقد سيادتنا الداخلية .
سيادة العراق الداخلية هي رداء الدولة ،هي عباءة الدولة ،فإذا كان رداء الدولة ممُزقاً و متسخاً ،لا مكانة للعراق ولا هيبة له بين الدول .