×

أخر الأخبار

٦ آذار ١٩٧٥..!

  • 14-03-2020, 13:06
  • 486 مشاهدة
  • قاسم آل ماضي

في ٦ آذار عام ١٩٧٥ عقد صدام اتفاقية مع شاه ايران عُرفت باتفاقية الجزائر ٠ يقول الصحفي الامريكي الشهير راندل عنها : ( صُدم الدبلوماسيون والسياسيون المحنكون بحجم التنازلات التي اضطر صدام الى تقديمها ، ولاسيما بالتنازل الاهم الذي يريده الشاه اكثر من غيره ٠٠ اي اعادة ترسيم الحدود في شط العرب عند خط الوسط في الحدود العميقة ) في مقابل وقف الشاه لدعمه للحركة الكردية ٠

وبالقفز على تسلسل الاحداث فان الحركة الكردية عادت اقوى من ذلك بعد اربع سنوات من توقيع هذه الاتفاقية ، بينما خسر العراق ارضه الى الابد ٠ ولو اضفنا لهذه الارض ما خسره العراق من اراضٍ اخرى في مغامرات صدام وهباته يكون العراق قد خسر ٣٠٠٠ كم٢ أي اكثر من خمس امثال مساحة (مملكة البحرين ) ٠فمساحة العراق عندما وقع انقلاب ١٧ تموز ١٩٦٨ كانت ٤٣٨٤٦٦ كم٢ اصبحت في عهد صدام ٤٣٥٠٧٢ كم٢ ٠ والشيء بالشيء يذكر كانت مساحة الكويت قبل الغزو ١٦٥٠٠ كم٢ اصبحت بعد الغزو  ١٧٨٢٠ كم٢ ٠ وهكذا افلت صدام خيوط الشمس والارض معا اذ كان يردد قبل ذلك : لقد امسكنا خيوط الشمس ولن نفلتها ابدا ٠

ولنعد الى تسلسل الاحداث المتعلقة باتفاقية الجزائر ، او بالاحرى الى الاحداث التي سبقتها ٠ فقد تبين لوكالة المخابرات المركزية الامريكية ان صدام كان مستعدا لتقديم تنازلاته للشاه منذ تشرين الاول من العام ١٩٧٢ (راندل -امة في شقاق ص ٢١١ ) ٠وهكذا وبينما كانت الحركة الكردية على وشك الانهيار ، كان صدام مستعدا وبسبب قلقه المرضي على استمرار حكمه ، وسوء تقديره ، وانعدام المحرمات الوطنية لديه ،  لتقديم تنازلاته ٠ وقد برر ذلك امام اجتماع سري لمجلس قيادة الثورة ، بان السلاح الجوي لم يعد يملك سوى خمس قنابل ثقيلة وان المدفعية بالكاد تملك الف طلقة (كونسلمان - سطوع نجم الشيعة ص ٢١٣ ) ٠ الامر الذي يستحيل تصديقه بالنسبة لبلد غني كالعراق كان يملك معاهدة تحالف مع موسكو وشبكة علاقات دولية ممتدة ٠

من جانب آخر ، يقول تقرير امريكي سري ، ان الرئيس الامريكي وقتها نكسون ، ووزير خارجيته كيسنجر ، والشاه الايراني ، كانوا يأملون منذ البداية ، الا ينتصر اتباعنا (الحركة الكردية )، وانهم فضلوا في المقابل ان يستنزف المتمردون (اي الاكراد ) موارد العراق (راندل ص٢٢٢)٠ وهكذا كانوا يلعبون بصدام واعدائه معا ٠

الجدير بالذكر ان الرئيس الجزائري بومدين اعلن يوم ٦ آذار وامام مؤتمر قمة اوبك والتي كان يحضرها صدام والشاه ، اتفاق الطرفين ، ودعاهما للمصافحة ، فنهض صدام من كرسيه ، لكن الشاه بغطرسته المعروفة ظل واقفا في مكانه ، فاضطر صدام ان يلف حول الحاضرين كلهم ، ويتجه حيث يقف الشاه عند كرسيه ، ليصافحه ويعانقه ٠

وبعد عودته ابلغ الشاه البارزاني بقطع مساعداته عن الحركة الكردية ٠٠ كان جواب البارزاني : مادمت راضيا عن اتفاقية الجزائر ٠٠لايوجد لدينا شيء ضدها ونحن رهن اوامرك اذا قلت لنا موتوا نموت او عيشوا نعيش (الحزب الديمقراطي الكردستاني (اللجنة التحضيرية )-تقييم مسيرة الثورة  ص ٨٨ - ٨٩) ٠

وللاسرائيليين رواية اخرى لاتفاقية الجزائر ٠فكيسنجر وفي طريقه لعقد اتفاق فك الاشتباك الاسرائيلي - المصري الثاني ، كان يريد التخلص من المعارضة السورية للاتفاق ، ففكر في امكانية اشغال سورية بمسألة اخرى ، كالعراق ، فحل الخلاف الايراني العراقي ، سينفض الغبار عن الخلاف السوري العراقي ، وهكذا اشتعل الخلاف بين العراق وسوريا ، بينما مر بهدوء توقيع اتفاق فصل القوات الاسرائيلي المصري ، في ايلول ١٩٧٥ (نكديمون - الموساد في العراق ص ٣٠٧ - ٣٠٨ ) ٠

الغى صدام اتفاقية الجزائر في ايلول ١٩٨٠ ، واشتعلت الحرب التي راح ضحيتها مئات الالاف من الجانبين ٠ وكانت خسائر العراق وحده حوالي المليون بين قتيل وجريح (وفيق السامرائي - حطام البوابة الشرقية ص ١١٥ )٠

وفي عام ١٩٩٠ ، وقبل غزوه للكويت ، ارسل صدام ست رسائل ، الى الرئيس الايراني آنذاك رفسنجاني ، وفي كل رسالة يعرض فيها تنازلا جزئيا ، ويرد عليه الرئيس  الايراني بسلبية شديدة حتى انه قال له ردا على الرسالة الثانية : نأمل الا تضيع الوقت في تبادل الرسائل ٠٠الخ ، ثم كانت الرسالة السابعة ، والتي اعترف فيها باتفاقية الجزائر معلنا التزامه بها (للاطلاع علي نصوص الرسائل ، راجع كتاب نائب الرئيس السوري الاسبق عبد الحليم خدام : (التحالف السوري الايراني والمنطقة ) ص ٢٤٦ - ٢٧١)