لليوم الثالث على التوالي، تشهد مدينة الناصرية، العاصمة المحلية لمحافظة ذي قار جنوبي العراق، تبعد 350 كيلومتراً عن بغداد، تظاهرات واحتجاجات يشارك فيها المئات من المواطنين، غالبيتهم من الشباب ومن شرائح مختلفة تطالب بفرص عمل ووظائف.
التظاهرات تخللتها صور عديدة للتعبير عن الاحتجاج، من بينها قطع عدد من الطرق والجسور الرئيسة بالإطارات المشتعلة وإغلاق دوائر حكومية، وسط انتشار أمني واسع، حرص على عدم الاحتكاك مع المتظاهرين لمنع تأزّم المشهد في المدينة، في ظل تفاقم مشكلات الكهرباء وشح المياه وارتفاع البطالة.
المحافظة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليوني نسمة؛ تعتبر إحدى أهم القواعد الانتخابية التي تتنافس عليها القوى السياسية العربية الشيعية، لكن في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول الماضي، اكتسح التيار الصدري مقاعد المحافظة على حساب خصومه الآخرين، وأبرزهم حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، وتحالف "الفتح"، الذي يضم عدة كتل أبرزها "بدر"، بزعامة هادي العامري، وكتلة "صادقون"، الجناح السياسي لمليشيا "عصائب أهل الحق"، بزعامة قيس الخزعلي.
وفيما يرفع المحتجون مطالب خدمية، وأبرزها توفير فرص العمل لأبناء المحافظة وتقديم معونات للأسر الفقيرة وتوفير الكهرباء ومعالجة شح المياه؛ يذهب مراقبون إلى إمكانية أن يكون هنالك استثمار سياسي لهذه الاحتجاجات في حال استمرت مدة أطول.
الخبير بالشأن السياسي العراقي فاضل الفتلاوي يقول إنه "لا يخفى على أحد وجود مطالب واحتياجات محقة لشريحة الشباب، وما تشهده محافظة ذي قار منذ أيام من تظاهرات واحتجاجات مطلبية لتوفير فرص عمل، وبعضها اعتراضاً على عدم شمول شرائح من المتعاقدين بقانون الأمن الغذائي الذي أقره البرلمان مطلع الشهر الحالي، مثل مطالب خدمية وواجبات على الحكومة؛ لكن لا يمكن أن نبعد فكرة وجود مخاوف من أن هناك من سيحاول استثمار هذه الاحتجاجات لصالحه سياسياً، في ظروف أزمة خانقة كهذه التي يمر بها العراق اليوم".
وأوضح أن "التظاهرات بدأت بإغلاق المحتجين مقار ومكاتب شركات نفطية ومحطات لتوليد الكهرباء، وصولاً إلى إغلاق الدوائر، لكن حين تابعنا التطورات، لم نجد فيها أياً من الذين كانوا يقودون الاحتجاجات في الشارع خلال التظاهرات العفوية التي انطلقت في الربع الأخير من عام 2019".