×

أخر الأخبار

المجنون حسن الفقير

  • 23-04-2021, 22:55
  • 534 مشاهدة
  • حسن الفقير

هذه هي التسمية التي أطلقت على الشاب الجامعي الذي فقد عقله، كان في مخيم (جهرم) للمهجرين العراقيين في ايران من الذين سفرهم النظام البعثي الهمجي.
حسن الفقير كان هادئا جدا لا يؤذي احد و الإبتسامة لا تفارق محياه، لذلك احبه أهل المخيم.
حسن كان طالبا جامعيا ومعه خطيبته الفتاة المتدينة الشريفة العفيفه، خطبها على امل الزواج بعد التخرج.
داهمت السلطات البعثية بيتهم ليأخذوا العائلة ويهجروها الى ايران بحجة التبعية الإيرانية وأنهم من الكرد الفيلية
لكن حسن كان غير موجود في البيت حين المداهمة، وعندما سمع الخبر ترك الجامعة وهرب إلى البصرة عند بيت خاله لعدة أيام، لكنه لم يستطع الغياب عن رؤية خطيبته اكثر.
وعندما عاد و دخل الجامعة لم يشاهد خطيبته، فسأل الطلاب عنها، لكن لم يجيبه احد خوفا.
وكان هناك شخصاً يثق به وسأله عنها، فقال له اخذ رجال الامن العائلة كلها ليتم تهجيرها لنفس سبب تهجير أهله
فرح حسن وسلم نفسه للشرطة املاً بتهجيره خلف أهله و ليلتقي خطيبته
بقي خمسة أيام عند الشرطة بانتظار التهجير حتى أخذه رجال الأمن إلى أحد سجونها، وبدأ معه التعذيب عن علاقته بخطيبته وبوالدها، فأجاب انها علاقة شريفة ويريد الزواج منها ولا شيء غير ذلك
وأشتد التعذيب اكثر معه وعن علاقته بحزب الدعوة! لان ابو خطيبته متهم بالانتماء له.
و بعد يأسهم من جدوى التعذيب، قالوا له سنعطيك الفرصة الأخيرة، فأدخلوه الى غرفة بها خطيبته معلقة بالسقف وهي عارية!
والدماء تسيل منها وتقطر على الأرض، فأنصدم من الموقف وتكلم معها ولكن لا فائدة لانها في أنفاسها الأخيرة ولا تستطيع الحديث
وكانت عيونها تتحدث بلا كلام، وكان حسن يلح عليها ولو بنصف كلمة
لم تستطع حتى البكاء لان ماء جسمها ذهب مع الدماء
حسن يحلل النظرات ويقول مع نفسه هل تقول لي غض بصرك لاني عارية ؟
هل تعتذر لي لانها السبب؟
هل تريد ان تقول له تزوج بعدي؟
هل تريد أن تبوح لي شيأ كانت تخفيه؟
ظلت تدور بعينها عليه من دون كلام، وحسن يتألم ويحلل وقد نسي جراحات التعذيب،
 فنظرت إليه النظرة الأخيرة وفارقت الحياة .
آه كم كانت تلك النظرات موجعة على حسن أشد من تعذيب الجلاد، فأنها مزقت قلبه
فلم يتمالك نفسه وبدأ بالصراخ والعويل حتى أغمي عليه
وبعدها اصبح مجنون
بعدها قام رجال الأمن بألقائه على الحدود الإيرانية، ليدخل المخيم
وعند سماع اهله بخبر وصوله، جاءوا ليأخذوه معهم، وكانت صدمتهم به
لم يعرف امه واباه، وناداه ابوه باعلى صوته بوية حسن
وببكاء وعويل ..لكن بلا فائدة، انتظروا أيام ولم ينفع ، فتركوه مرغمين في المخيم وعيونهم تعاود النظر للمخيم عسى أن يناديهم احد بالرجوع ويخبرهم أن ابنهم قد عاد له عقله
وكلما ابتعدوا اكثر زاد اليأس في قلوبهم
وظل حسن على حاله واستقر مستأنسا مع مجموعة المجانين في المخيم التي يرعاها ابو علي
واستمر بقاءه في المخيم ٣ سنوات حتى وجدوه ميتا في حمام المخيم وقد شنق نفسه ببجامته التي لفها على رقبته ، ولف الحزن سكان المخيم عليه لانهم أحبوه رغم جنونه ، أحبوه لأنه اختصر قضيتهم واوضحها لكل اصحاب الضمائر الحية .
ليُدفن في مقبرة المخيم عام ١٩٨٣ ويلتحق بخطيبته ويكمل عرسه هناك ويذهب إلى ربهِ شاكيا ظلم البعثيين وجرائمهم.
 
رحمكِ الله ايتها الشهيدة المظلومة ورحم الله حسن الفقير.