في إطار توجه الدولة العراقية لترسيخ الوعي الوطني وضمان توثيق جرائم النظام الديكتاتوري السابق، شهدت إحدى الجامعات الأهلية في بغداد اليوم إجراء أول اختبار لطلبة قسم الإعلام ضمن مقرر "جرائم النظام البعثي"، وذلك تزامنًا مع ذكرى إعدام رأس النظام ووفقًا لتوجيهات مجلس الوزراء ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي بشأن إدراج هذا المنهاج في المؤسسات التعليمية.
ويأتي اعتماد هذا المقرر أيضًا بدعم وتنسيق مع مؤسسة الشهداء التي كان لها دور فاعل خلال السنوات الأخيرة في الدعوة لاعتماد منهج توثيقي لجرائم حزب البعث في الجامعات والمدارس، من خلال المخاطبات الرسمية واللجان المشتركة، وضمن خطتها لحفظ الذاكرة الوطنية.
ورغم أن القرارات التعليمية تصدر حصريًا عن الوزارات المختصة، إلا أن مؤسسة الشهداء تُعد شريكًا أساسيًا ومؤثرًا في هذا التوجه من خلال توفير محتوى توثيقي، وتقديم خبراء وأكاديميين متخصصين، ودعم الأنشطة البحثية التي تتناول الانتهاكات التي طالت العراقيين إبان الحقبة البعثية.
وتضمّن الامتحان أسئلةً حول أنواع الجريمة الدولية وملفات الانتهاكات السياسية والإنسانية التي ارتكبها النظام السابق، بما في ذلك:
حملات الإبادة الجماعية ضد المكوّن الكوردي الفيلي والشعب الكوردي .
عمومًا (الأنفال وحلبجة)
سياسات التهجير القسري والتعريب
جرائم الاعتقال والتغييب والتعذيب القسري
قمع الحريات العامة وملاحقة المعارضين
الآثار الكارثية لحرب الكويت وما أعقبها من حصار اقتصادي
وأكد أساتذة الكلية أن إدراج هذا المقرر يمثل تحولًا تربويًا مهمًا لتعزيز وعي الطلبة بالأحداث المفصلية التي شكّلت التاريخ الحديث للعراق، وتمكينهم من قراءة الماضي بموضوعية ومسؤولية من أجل منع إعادة إنتاج الديكتاتورية أو تبرير جرائمها.
وتُعدّ هذه الخطوة نموذجًا لجامعات عراقية أخرى شرعت بتطبيق القرار على أرض الواقع، في مسعى وطني يهدف إلى توعية الأجيال الجديدة بحقيقة النظام البعثي المقبور وما ارتكبه من جرائم وانتهاكات، وترسيخ الذاكرة التاريخية في الوعي الأكاديمي، وبما يحول دون تزييف الحقائق أو تلميع تلك الحقبة.
وأخيرأ :
يأتي هذا الجهد ضمن إطار مشروع وطني أشمل يستهدف تحصين الأجيال من محاولات تزييف الوقائع، ومواجهة أي مساعٍ لتمجيد الماضي الاستبدادي، وتحويل الدروس المؤلمة للتاريخ العراقي إلى منصة تعليمية تعزز الوعي بالهوية الوطنية ومسار العدالة المجتمعية.