الصفحة الرئيسية / زاكروس ومندلي: حدود تجمع الجغرافيا بهوية الكورد الفيليين

زاكروس ومندلي: حدود تجمع الجغرافيا بهوية الكورد الفيليين

أعداد . ايناس الوندي 

يمتد الشريط الحدودي بين العراق وإيران بمحاذاة جبال زاكروس في شرق العراق، وهو امتداد جغرافي طبيعي بارز يشكّل حدودًا تمتد من شمال وشرق العراق إلى غرب إيران، وتربط بين تضاريس وعادات شعوب تعايشت عبر القرون بين سفوح الجبال وأراضي السهول.
يقع قضاء مندلي في محافظة ديالى على هذا الشريط الحدودي من العراق مع إيران، وتعد منطقة استراتيجية تقع على تماس مباشر مع الحدود، ما جعله ملتقى لثقافات عدة وموقعًا مهمًا تاريخيًا للبشر والحضارات. كما أن القضـاء يسكنه خليط من العرب، الكورد، والتركمان، ويُعد من المناطق التي شهدت تاريخاً من التداخل الحضاري والاجتماعي بسبب قربه الشديد من الحدود الإيرانية.

من بين المكونات الاجتماعية التي تربطها علاقات وثيقة بهذا النسيج الجغرافي الكورد الفيليون (Feyli Kurds)، وهم قومية 
 كوردية شيعية المذهب في الإسلام تعيش تقليديًا على جانبي جبال زاكروس، تحديدًا في المناطق الحدودية بين العراق وإيران.
تنتشر مجتمعات الكورد الفيليين في العراق بشكل رئيسي في ديالى (بما فيها مندلي والخانقين)، واسط، ميسان، والبصرة، إضافة إلى بغداد، كما لهم وجود في محافظات إيلام، كرمنشاه، ولورستان في إيران. وهو ما يعكس طبيعة وجودهم التاريخي عبر الحدود الجغرافية الحديثة بين البلدين.
يعيش الفيليون منذ قرون في منطقة جبال زاكروس والأراضي المحيطة بها، وقد شكّل هذا الوجود الممتد علاقات ثقافية واجتماعية عميقة بين المجتمعين العراقي والإيراني، حيث كان التنقل بين الجانبين جزءًا من الحياة اليومية للسكان، سواء في التجارة أو الرعي أو الحياة العائلية.
 
في العراق، يُعد الكورد الفيليين جزءاً معترفاً به من الأقليات في الدستور العراقي، وقد حصلوا مؤخرًا على مقعد تمثيلي مخصص لهم في مجلس النواب عبر محافظة واسط، وهو مؤشر على حضورهم السياسي والاجتماعي في البلاد.
ورغم ذلك، فإن تاريخ الفيليين لم يكن خاليًا من التحديات؛ فقد تعرضوا للتجريد من الجنسية والترحيل القسري إلى إيران في مراحل تاريخية سابقة، وخاصة خلال حكم النظام البعثي في العراق، وما يزال بعض أفرادهم يواجهون صعوبات قانونية واجتماعية في مجال الحصول على الهوية أو الحقوق الكاملة في بعض المناطق.

وبذلك، فإن جبال زاكروس والشريط الحدودي العراقي–الإيراني ليست مجرد حدود سياسية تُقسّم الأراضي، بل جسر جغرافي وثقافي يربط بين الشعوب والهوية عبر القرون، مع بقاء الكورد الفيليين جزءًا مهمًا من النسيج الاجتماعي في قضاء مندلي والمناطق الحدودية المجاورة.


اليوم, 00:15
العودة للخلف