الصفحة الرئيسية / خبير اقتصادي: الاستثمار الأجنبي يغيب عن العراق إلا في النفط

خبير اقتصادي: الاستثمار الأجنبي يغيب عن العراق إلا في النفط

كشف الخبير الاقتصادي منار العبيدي، أن العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم لم يشهد دخولاً حقيقياً للاستثمارات الأجنبية في القطاعات غير النفطية، مؤكداً أن معظم الاستثمارات المعلنة "أجنبية" هي في الواقع عراقية مسجلة خارج البلاد للحصول على امتيازات الاستثمار الأجنبي.

وقال العبيدي في تدوينة: "منذ 2003 وإلى يومنا هذا، اعتدنا أن نسمع من أغلب الحكومات والمسؤولين أن العراق فرصة استثمارية كبرى، وأن العالم كله يقف على أبوابنا منتظراً الدخول بأسواقنا. وكل حكومة كانت تقدّم أرقاماً مختلفة لتثبت أنها نجحت أكثر من غيرها في "جذب الاستثمار" وأنها حققت الاستقرار المطلوب".


وأضاف: "لكن الحقيقة على الأرض تقول شيئاً آخر تماماً. باستثناء النفط، لم نشهد دخولاً حقيقياً للاستثمارات الأجنبية في القطاعات التي نحتاجها فعلاً: اللوجستيات، والصناعة، والخدمات، والسكن". مبيناً أن حتى الكثير من الاستثمارات المصنَّفة كـ"أجنبية" هي في الواقع استثمارات عراقية جاءت عبر شركات مُسجَّلة خارج العراق فقط لتحصل على امتيازات الاستثمار الأجنبي.

تساءل العبيدي: "إذا كان العراق بلداً غنياً بالموارد والطاقة والشباب، فلماذا لا يأتينا المستثمر الأجنبي الحقيقي؟" موضحاً أن الجواب يكمن في الدراسات العالمية لعام 2025: النفط والموارد الطبيعية ليست السبب الذي يجذب المستثمر. ووفرة اليد العاملة ليست العامل الذي يحدد قرار المستثمر.

العوامل الحقيقية التي يبحث عنها المستثمر قبل أموالنا ومواردنا – بحسب العبيدي - هي كفاءة البيئة التنظيمية والقانونية، واستقرار الاقتصاد الكلي ومعدلات النمو الحقيقي، والتكنولوجيا والبنى التحتية الرقمية، ثم تأتي عوامل مساعدة مثل سهولة حركة الأموال، ومستويات الضرائب، والحوافز الحكومية. أما الموارد الطبيعية وتكاليف العمل فهي مجرد عوامل إضافية وليست أساسية.

لهذا السبب - وفقاً للعبيدي - لم يدخل المستثمر الأجنبي إلى القطاعات غير النفطية؛ لأن الأساس نفسه غير مكتمل، ولا توجد بيئة قانونية مستقرة، ولا نظام استثماري واضح، ولا إجراءات سلسة تجعل المستثمر يشعر أن مشروعه سيعمل دون عرقلة.

أكد العبيدي أن الاستثمار الأجنبي مهم جداً للعراق (يضيف مصدرا جديدا للعملة الأجنبية غير النفط، ويخلق فرص عمل مستدامة، ويفتح المجال أمام مشاريع صغيرة ومتوسطة داعمة قادرة على خلق فرص عمل اخرى، وينقل التكنولوجيا والخبرة ويطور الاقتصاد من الداخل). ولكي يبدأ العراق رحلة حقيقية نحو جذب الاستثمارات، نحتاج إلى:
1. بناء صورة واضحة عن قطاعات الاقتصاد بالأرقام، فالبيانات الغائبة تعني رؤية غائبة.
2. إعادة هيكلة إجراءات الاستثمار وتقليل التداخل بين الجهات الحكومية.
3. إصدار إجراءات تنظيمية وتنفيذية بسيطة وواضحة.
4. تصنيف المستثمرين والقطاعات الحساسة وتحديد مسارات مختلفة لكل نوع.
5. إعادة تفعيل النافذة الواحدة بشكل فعّال لا شكلي.
6. الاستعانة بشركات استشارية عالمية لوضع خارطة استثمار حقيقية ومعايير جاذبة.
7. تفعيل الملحقيات التجارية عالميا واستبدال كوادرها بوجوه شابة متخصصة قادرة على تمثيل العراق بصورة مهنية.

واختتم العبيدي حديثه بالقول: باختصار، فإن العراق لا ينقصه المال ولا الموارد ولا الناس. العراق يحتاج "بيئة" تخاطب المستثمر بلغة يفهمها: الاستقرار، والكفاءة، والوضوح.
اليوم, 14:43
العودة للخلف