الصفحة الرئيسية / حلبجة تحتفل بالحياة… مهرجان الرمان يروي حكاية الصمود

حلبجة تحتفل بالحياة… مهرجان الرمان يروي حكاية الصمود



 

حلبجة – ايناس الوندي 
من بين تلالٍ خضراء وأشجارٍ يانعةٍ بالرمان، تنبض مدينة حلبجة من جديد بالحياة، مدينة الألم التي أراد لها النظام البائد أن تُمحى بالكيماوي، تعود اليوم لتزرع الفرح بدلاً من الرماد.
ففي أجواءٍ كرنفاليةٍ مفعمةٍ بالموسيقى واللون، انطلقت فعاليات مهرجان الرمان والخريف في حلبجة، لتتحول المدينة إلى لوحةٍ من البهجة، تجمع بين الطبيعة والتراث والزراعة في مشهدٍ بيئيٍّ مميز.

كرنفال بيئي ورسالة حياة
المهرجان الذي تنظمه محافظة حلبجة سنويًا، بات من أبرز الفعاليات الزراعية والثقافية في إقليم كوردستان، إذ يُعَدّ مناسبة للاحتفاء بخيرات الأرض ومزارعيها، ورسالة رمزية تؤكد أن المدينة التي استُهدفت بالغازات السامة قبل عقود، ما زالت قادرة على التنفس والابتسام.

تخلّل المهرجان عروضٌ فنية وموسيقية فلكلورية، وأجنحة زراعية وحرفية تجاوز عددها 650 جناحًا، منها أكثر من 250 جناحًا مخصصًا للرمان ومنتجات الخريف المحلية. كما حُظر استخدام المواد البلاستيكية في المهرجان دعمًا للبيئة.

حضور دبلوماسي وجماهيري واسع
شهد المهرجان حضورًا جماهيريًا كبيرًا، إضافة إلى مشاركة شخصيات رسمية وسفراء ودبلوماسيين من عدة دول، جاءوا ليشاركوا أهالي حلبجة فرحتهم وليطّلعوا على فرص التعاون الزراعي والاستثماري.
وتحوّلت ساحات المدينة إلى لوحةٍ حيةٍ من الألوان والرقص الكوردي والموسيقى، فيما ازدانت الأكشاك بثمار الرمان التي تعدّ رمز المدينة وذاكرتها الحلوة المرّة.

من رماد الكيماوي إلى بهجة الرمان
حلبجة التي ما زالت رائحة ترابها تحمل ذكرى آلاف الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ، تُعيد اليوم كتابة حكايتها بلون الحياة. فالرمان الذي يرمز إلى الدم والخصب في آنٍ واحد، صار عنوانًا للانبعاث من الألم وللإصرار على الاستمرار.

يقول أحد المزارعين المشاركين:
"الرمان بالنسبة إلنا مو بس محصول، هو شهادة حياة… من بين الدموع نزرع ونحصد الأمل."

اقتصاد وسياحة وزراعة مستدامة
تحوّل مهرجان الرمان إلى فرصة اقتصادية وسياحية مهمة، إذ يسهم في دعم المزارعين المحليين والترويج لمنتجات المدينة، كما يجذب آلاف الزوار سنويًا، ما يعزز مكانة حلبجة كمركزٍ بيئيٍّ وسياحيٍّ متجدد.

الفعالية أيضًا حملت طابعًا بيئيًا واضحًا، من خلال تقليل النفايات وتشجيع الزراعة النظيفة، في خطوة تعبّر عن رؤية حلبجة لمستقبلٍ أكثر خضرةً واستدامة.


ختامًا… مدينة تنبض رغم الجراح

هكذا تعود حلبجة، المدينة التي كانت شاهدًا على واحدةٍ من أبشع جرائم التاريخ، لتثبت أن الحياة أقوى من الموت، وأن الموسيقى والرمان يمكن أن يكونا لغة مقاومة.
حلبجة اليوم لا تبكي… بل ترقص بين حقولها الحمراء، معلنةً أن الوجع قد يتحول إلى أملٍ حين تصرّ الشعوب على الحياة.

1-11-2025, 14:09
العودة للخلف