الصفحة الرئيسية / إدراج منهج "جرائم حزب البعث" ضمن الجدول الأسبوعي لمحاضرات الجامعات العراقية

إدراج منهج "جرائم حزب البعث" ضمن الجدول الأسبوعي لمحاضرات الجامعات العراقية

بغداد .ايناس الوندي

في إطار تعزيز الوعي الوطني وترسيخ ثقافة الذاكرة التاريخية، شرعت عدد من الجامعات العراقية بإدراج منهج "جرائم حزب البعث" ضمن جداولها الأسبوعية للعام الدراسي 2025-2026، وذلك تنفيذًا لتوجيهات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الهادفة إلى تعريف الطلبة بجرائم النظام البائد وانعكاساته على المجتمع العراقي.
يأتي هذا الإجراء استكمالاً للجهود الوطنية الرامية إلى توثيق حقبة الانتهاكات التي ارتكبها حزب البعث البائد ضد أبناء الشعب العراقي، من خلال مناقشة الشهادات الحية والوثائق الرسمية التي يتضمنها المنهج، والذي أعدته مؤسسة الشهداء بالتعاون مع عدد من الباحثين والمؤرخين العراقيين.

وأكدت رئاسة جامعة بغداد أن إدخال هذا المنهج ضمن نشاطات الأقسام الإعلامية والإنسانية يهدف إلى "تعزيز وعي الطلبة بتاريخ بلدهم، وترسيخ مفاهيم العدالة الانتقالية، وعدم السماح بتكرار المآسي التي عاشها العراقيون في ظل الدكتاتورية".
فيما أشارت أحدى الكليات -
كلية الإعلام – قسم الصحافة الإذاعية والتلفزيونية إلى أنها بدأت بتنفيذ مناقشات صفية وعروض توثيقية مستندة إلى مضامين المنهج، ليتعرف الطلبة على الأساليب التي استخدمها النظام السابق في قمع الحريات وتزييف الحقيقة الإعلامية.

من جانبها، أوضحت م. سرى إسماعيل، إحدى تدريسيات الكلية، أن دراسة هذا المنهج تأتي ضمن رؤية شاملة تهدف إلى "ربط التعليم الجامعي بالوعي الوطني، وإبراز دور الإعلام في كشف الجرائم السياسية والإنسانية التي مورست في فترات الاستبداد".

ويتضمن منهج جرائم حزب البعث توثيقًا شاملاً للانتهاكات التي طالت شرائح متعددة من المجتمع العراقي، ومن أبرزها المأساة التي تعرض لها الكورد الفيليون، الذين عانوا من حملات تهجير قسري جماعية خلال أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات، حيث جُرّد عشرات الآلاف منهم من الجنسية العراقية، وصودرت ممتلكاتهم، وزُجّ بالآلاف من شبابهم في السجون، واختفى الكثير منهم في المقابر الجماعية دون أثر.
ويُعد هذا الملف من أكثر الملفات إيلامًا في التاريخ العراقي الحديث، إذ جسّد سياسة الاضطهاد العرقي والطائفي التي مارسها النظام البائد ضد مكوّن أصيل من نسيج العراق الاجتماعي.

كما بيّن عدد من الطلبة أن الاطلاع على هذه الحقبة من خلال هذا المنهج يمنحهم فهماً أعمق لمفهوم حرية التعبير، والمسؤولية الأخلاقية التي تقع على عاتق الصحفي في مواجهة الأنظمة القمعية.
ويُذكر أن منهج جرائم حزب البعث يشمل أيضًا دراسة حملات الأنفال والإبادة الجماعية في كردستان، وجرائم التهجير القسري، والإعدامات الميدانية، والاعتقالات الواسعة، مستندًا إلى شهادات ووثائق رسمية كشفتها الجهات المختصة بعد عام 2003.

وفي هذا السياق، يؤكد أساتذة الإعلام على أهمية دور الإعلام الجامعي في توثيق قصص الناجين من الكورد الفيلية وغيرهم من ضحايا النظام السابق، من خلال مشاريع بحثية وتوثيقية يشرف عليها الطلبة ضمن دراستهم الأكاديمية.
ويُنظر إلى هذه المبادرات بوصفها وسيلة فاعلة لحفظ الذاكرة العراقية، وبناء أرشيف إنساني يسجل مأساة المكوّن الفيلي، الذي عانى من سياسات الإقصاء والتغييب، ليكون التوثيق الإعلامي أداةً للعدالة الرمزية والاعتراف بمعاناتهم، وضمان عدم طيّ صفحاتهم من التاريخ المعاصر.

ويُعد إدراج منهج جرائم حزب البعث ضمن الجداول الأسبوعية في الجامعات العراقية خطوة مهمة نحو بناء ذاكرة جماعية واعية تحفظ تضحيات العراقيين من جميع المكوّنات، وتؤكد أهمية العدالة والإنصاف في مسار الدولة الديمقراطية الحديثة.



5-10-2025, 22:29
العودة للخلف