الصفحة الرئيسية / باوة محمود.. مزار فيلي يجمع بين القداسة والفرح على تلال خانقين

باوة محمود.. مزار فيلي يجمع بين القداسة والفرح على تلال خانقين

خانقين – ايناس الوندي

على بعد عشرة كيلومترات غرب خانقين، يطل مزار الإمام باوة محمود من موقعه العالي على بساتين النخيل والأنهار الصغيرة التي تخترق الأرض. مكان يختلط فيه صوت الدعاء بخشخشة أوراق النخيل، ورائحة البخور بعبق الطبيعة، ليُصبح أكثر من مجرد مرقد.. إنه ذاكرة حيّة للكورد الفيلية ومتنفس اجتماعي وسياحي للمدينة.

 من هو باوة محمود؟
رغم قلة المصادر التاريخية الدقيقة، إلا أن باوة محمود يُعدّ شخصية روحانية اختلفت حولها الانتماءات:
بعض الروايات تنسبه إلى أحفاد الإمام موسى الكاظم،
فيما يعتبره الكاكائيون (اليارسان) من أوليائهم المقدسين.
لكن، بعيدًا عن الجدل التاريخي، فإن المكانة التي يحظى بها عند أهالي خانقين والكورد الفيلية جعلت منه مزارًا مقدسًا وواحدًا من أبرز معالم المنطقة.
 قداسة ممزوجة بالفرح
بعكس المزارات التقليدية التي يسودها الهدوء الصارم، يختلف مشهد باوة محمود تمامًا.
في أيام الأعياد والمناسبات، يتحول المكان إلى كرنفال شعبي:

العائلات تصعد جماعات وهي تحمل الذبائح والقدور،

أصوات الموسيقى والدبكات الكوردية تملأ الأرجاء،

الأطفال يركضون بين الأشجار والمرقد،

النساء يطلقن زغاريد الفرح،

ويتحول المرقد إلى ساحة حياة يتشارك فيها الناس الطعام والرقص والغناء.

"هنا نجي نزور ونفرح.. نذبح ونوزع أكل، وبنفس الوقت نرقص ونسوي دبكات. بالنسبة إلنا، باوة محمود مو بس مزار.. هو مكان يخلّي الناس تجتمع وتفرح"، يقول أبو كمال، أحد وجهاء الكورد الفيلية في خانقين.

 المزار كوجهة سياحية
لم يعد باوة محمود مجرد مزار ديني، بل أصبح اليوم موقعًا سياحيًا يقصده الزوار من خانقين وخارجها.
الطبيعة المحيطة به، مع البساتين الخضراء وامتداد الأفق، تجعل منه مَعلَمًا يجمع بين الروحانية والجمال الطبيعي.
ومع كل زيارة، تتجدد الطقوس الاجتماعية التي تعكس هوية الفيلية في خانقين: خليط من الإيمان والاحتفال، الدعاء والبهجة.

 رمزية فيليّة
إن مزار باوة محمود ليس مجرد مكان للزيارة؛ بل هو رمز للهوية الفيلية في خانقين.
يرمز إلى التشبث بالأرض والتاريخ.
يفتح الباب أمام الموروث الشعبي الذي يدمج بين القداسة والفرح.
يمثل مساحة حرّة للتلاقي والتلاحم الاجتماعي، بعيدًا عن ضغوط الحياة اليومية.

ختاما: باوة محمود هو أكثر من مزار، إنه ذاكرة جماعية للكورد الفيلية، ومكان يترجم فلسفة الحياة عندهم: أن تكون القداسة مقرونة بالبهجة، والدين ممزوجًا بالرقص والغناء.
ومن خانقين، يواصل هذا المزار إرسال رسالته البسيطة: أن الفرح والإيمان يمكن أن يجتمعا في مكان واحد، على تلة تطل على تاريخ طويل وهوية لا تنكسر.


16-09-2025, 20:38
العودة للخلف