الصفحة الرئيسية / زكية أسماعيل حقي الفيلية: رائدة القضاء ودرع حقوق المرأة في العراق والعالم العربي

زكية أسماعيل حقي الفيلية: رائدة القضاء ودرع حقوق المرأة في العراق والعالم العربي

تنوع نيوز . ايناس الوندي
 
توفيت القاضية زكية أسماعيل حقي (1939–2021)، أول امرأة عراقية وفيليّة تتولى منصب القضاء، لتغلق بذلك صفحة مشرقة في تاريخ العدالة والقانون في العراق والعالم العربي. لم تكن حقي مجرد قاضية، بل كانت رمزاً للمرأة المتمسكة بالعدالة والمساواة، وصوتاً قوياً للمرأة العراقية والعربية في محافل القضاء والمجتمع المدني.

النشأة والتعليم
ولدت زكية أسماعيل حقي في عام 1939 في أسرة عريقة من الفيلية. نشأت في بيئة تقدّر العلم والثقافة، وظهر منذ صغرها شغفها بالعدالة والحقوق، ما دفعها لاحقاً لدراسة الحقوق. في زمن كانت فيه مهنة القضاء حكراً على الرجال، اختارت طريقاً صعباً وغير مألوف للمرأة، لتصبح من أولى النساء اللواتي اقتحمن عالم القضاء في العراق.
مسيرة مهنية رائدة
دخلت القاضية حقي مجال القضاء في وقت كان يُنظر فيه إلى المحاكم على أنها حصن ذكوري بامتياز. كانت أول امرأة عراقية وفيليّة تتبوأ هذا المنصب، إلا أنها لم تكن بمأمن من الضغوط الاجتماعية والسياسية. تعرضت لمضايقات مستمرة وحرمان من ممارسة عملها نتيجة رفضها الانصياع للضغوط والقرارات التعسفية للنظام البائد، الذي رأى في نشاطها المستقل تهديداً لنفوذه.
التسفير والهجر القسري
واحدة من أصعب الفترات في حياتها كانت أثناء حكم النظام البائد، إذ تعرضت للتسفير القسري والهجر الإجباري من العاصمة ومواقع عملها القضائية. أرغمها النظام على مغادرة مواقعها الرسمية ومنعها من ممارسة مهنتها لسنوات طويلة، محاولاً بذلك إسكات صوت العدالة المستقلة والمستندة إلى القانون. رغم ذلك، ظلّت وفية لمبادئها، محافظة على سمعتها المهنية، ومستمرة في الدفاع عن حقوق المرأة والمجتمع.

العودة بعد 2003 والمساهمة في بناء الدولة
مع إعادة بناء الدولة العراقية بعد عام 2003، عادت القاضية حقي لتصبح شخصية محورية في تحديث النظام القانوني. ساهمت بخبرتها الطويلة في صياغة تشريعات حديثة، ومراجعة نصوص قانونية قديمة لتتوافق مع المعايير الدولية للعدالة وحقوق الإنسان.
كما لعبت دوراً أساسياً في تمكين النساء من خلال برامج تدريبية وتعليمية، وتشجيعهن على العمل القانوني، مؤكدة أن إشراك المرأة في مواقع القرار القضائي يعزز العدالة والمساواة.

الدفاع عن حقوق المرأة والمجتمع المدني
لم تكن زكية مجرد قاضية، بل كانت ناشطة اجتماعية ومدافعة عن حقوق المرأة، شاركت في مؤتمرات وورش عمل محلية ودولية، وألقت محاضرات حول دور المرأة في المجتمع، وأهمية المساواة في التشريعات والقوانين.
نشطت في نشر ثقافة القانون بين الشباب والنساء، مؤكدة أن المعرفة القانونية مفتاح لتحقيق العدالة، وأن المجتمع لا يمكن أن يتقدم دون إشراك المرأة في صنع القرار.

أبرز القضايا التي حكمت فيها
خلال مسيرتها القضائية الطويلة، حكمت القاضية حقي في قضايا معقدة، من بينها:
حماية المرأة والأطفال من العنف الأسري.
النزاعات المدنية المتعلقة بالميراث والممتلكات.
القضايا العمالية والمساواة بين الجنسين في الوظائف العامة.
تميزت أحكامها بالرصانة والعدل، مع مراعاة الظروف الإنسانية للمتضررين.

الجوائز والتكريمات
تقديراً لمسيرتها الرائدة، حصلت القاضية زكية أسماعيل حقي على العديد من الجوائز المحلية والدولية، من بينها:
جائزة المرأة العربية المتميزة في القانون.
تكريم من وزارة العدل العراقية لدورها في تطوير النظام القضائي.
شهادات تقدير من منظمات حقوق الإنسان الدولية لمساهمتها في تعزيز دور المرأة في القضاء.

جدول زمني موجز لمسيرتها
1939: ولادة زكية أسماعيل حقي في أسرة فيلية عراقية عريقة.
1950–1960: التعليم الأساسي والثانوي مع تميز أكاديمي واضح.
1960–1965: دراسة الحقوق والتحاق بكلية القانون.
1965–1975: بداية مسيرتها القضائية، تولي أول منصب قضاة، وتصبح أول قاضية عراقية وفيليّة.
1975–2003: التعرض للمضايقات، التسفير والهجر القسري من النظام البائد، حرمانها من ممارسة القضاء.
2003–2021: العودة بعد إسقاط النظام، المساهمة في تحديث النظام القانوني، الدفاع عن حقوق المرأة، وتمكين النساء في القضاء.

إرث مستدام وتأثير على الأجيال القادمة
رحيل القاضية زكية أسماعيل حقي يمثل خسارة كبيرة للعراق والعالم العربي، لكنها تركت إرثاً قانونياً واجتماعياً عظيماً. ألهمت النساء لدخول مهنة القضاء، والسعي لتحقيق العدالة، ومواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية، مؤكدة أن القوة الحقيقية تكمن في العلم والشجاعة والتمسك بالقيم الإنسانية.
القاضية زكية أسماعيل حقي الفيلية، برحيلها، لم تفقد العدالة صوتها، بل خلّفت إرثاً ممتداً من المبادئ والقيم التي ستظل مصدر إلهام لكل من يسعى لتحقيق العدالة والمساواة في العراق والعالم العربي

.

13-09-2025, 15:15
العودة للخلف