عشر سنوات مرت على فتوى الجهاد الكفائي التي كان لها الأثر الكبير في إعادة القوات الأمنية لمسك زمام المبادرة وخوض ملحمة بطولية سطرها التاريخ بحروف من ذهب، ملحمة أبطالها جنود أشاوس قاتلوا جنباً الى جنب مع قوات الحشد الشعبي من المتطوعين ليتحقق النصر الناجز بعد ثلاث سنوات من اغتصاب عصابات داعش الإرهابية مساحات شاسعة من أرض الرافدين.
فتوى الجهاد الكفائي رفعت المعنويات واستنهضت الهمم
اليوم وبعد أن تخلص العراق من تلك العصابات الإرهابية تستذكر "تنوع نيوز" تلك الملحمة الخالدة، وفي هذا الصدد قال نائب رئيس العمليات المشتركة الفريق أول ركن قيس المحمداوي : إن “فتوى الجهاد الكفائي شكلت منعطفاً أمنياً ووطنياً وسياسياً واجتماعياً كبيراً جداً بعد أن سيطرت عصابات داعش الإرهابية على ثلاث محافظات، وبما يعادل ثلث مساحة العراق”، لافتاً، إلى أن “هذا المنعطف الكبير على المستوى الأمني جعل الخطر يهدد بغداد من جهة الفلوجة وأطرافها ومناطق غرب وشمال غرب العاصمة ومحافظة كربلاء المقدسة بمكانتها العظيمة من جهة جرف النصر وامتداداتها باتجاه الفلوجة وعامرية الصمود، وكذلك سامراء بمكانتها الدينية التاريخية، إلا أن الفتوى أسهمت وبعد ساعات فقط بمد جماهيري كبير جداً من المتطوعين بمختلف الأعمار والديانات والمذاهب والمستوى الاجتماعي والتعليمي إذ شكل هذا المد والحشد والتدافع الذي استنهضت معها الهمم، ثم الوصول لجبهات القتال ظاهرة تاريخية فريدة خارج كل القياسات وفوق كل التصورات وأبلغ من كل الخطط عبر التاريخ ذات العلاقة بالتحشد والتنقل والوصول بأعداد كبيرة جداً للقتال والاستعداد التام للتضحية والدفاع عن العراق”.
وأضاف، أنه “وفقاً للمعايير العسكرية فإن هذه الفتوى العظيمة كانت لها نتائج كبيرة، أهمها إحداث تغير جذري على المستوى النفسي والمعنويات والاستعداد على الصمود والثبات لكل القطعات في القوات المسلحة الموجودة في كل جبهات وخطوط القتال، كما أنها أسهمت وبشكل سريع في صمود وبسالة ومعنويات كل القطعات والعشائر والسكان المحليين للمناطق المحاصرة من قبل عصابات داعش مثل مناطق متعددة في حديثة والبغدادي وعامرية الفلوجة وآمرلي ومناطق واسعة في بلد، بالإضافة الى تأثيرها على مستوى العمليات والبعد الإستراتيجي وعلى الخطط اللاحقة، وهو إيقاف تمدد داعش وعدم حصول أي خروقات أمنية كبيرة أو سيطرة داعش على مناطق جديدة”.
وأشار المحمداوي، إلى أن “فتوى الجهاد الكفائي أعطت فسحة كبيرة من الهدوء والأمل والتفكير المنطقي السليم لصناع القرار السياسي والأمني بتوظيف الموارد وتنظيم القطعات والتفكير الواقعي الممكن لإيقاف التمدد لداعش نهائياً والشروع بوضع أسبقيات العمليات التعرضية القادمة لإعادة بعض المناطق وبشكل خاص التي تشكل خطورة كبيرة وإستراتيجية مثل جرف النصر وأطراف سامراء وبعض أطراف بغداد، بالإضافة الى أنها أسهمت وبشكل تام بوجود أعداد كبيرة من القطعات والتشكيلات تساعد على سهولة المناورة وتنفيذ الخطط اللاحقة سواء للعمليات الدفاعية وإيقاف تمدد داعش أو العمليات التعرضية”.
وتابع، أن “الفتوى أجبرت العدو وكل مفارز داعش بتغيير سلوكها وتفكيرها وخططها وإعطاء أسبقية للدفاع عن المناطق التي يتواجدون فيها والإكثار من التحصينات والخنادق والتفخيخ حول المدن، وأيضاً جعل السكان المحليين دروعاً بشرية إلى جانب تقليل التضحيات بالقطعات الأمنية والسكان المحليين وبشكل تدريجي وواضح أسهم وبشكل كبير بتفكير ومعنويات وأمل عموم الشعب و ثقتهم بحتمية حصول انتصارات كبيرة قادمة، وهذا الجانب مهم جداً وفيه بعد إستراتيجي كبير على مستوى الصمود والتفاف الشعب مع قطعاته الأمنية”، مؤكداً، أن “فتوى الجهاد الكفائي أسهمت في وجود قطعات مختلفة الصنوف والمسميات والعمل بروح الفريق الواحد وبنكران ذات كبير من أجل العراق وأمنه”.
دور جهاز مكافحة الإرهاب
بدوره، قال المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعمان: إنه “ومنذ بداية تشكيل الجهاز التاريخ الرسمي في العام 2007 حرصت قيادة الجهاز بالدرجة الأساس على البناء النفسي للمقاتل في جهاز مكافحة الإرهاب نتيجة لطبيعة المهمات ونوعية المهام التي يقوم بها هذا الجهاز في مفهوم العمليات الخاصة له تفرد وتميز به في مقاتلة التنظيمات الإرهابية ونوع العدو الذي يستهدف الجهاز النفسي والتدريبي للتسليح وتقنياته الفنية التي يتمتع بها”، لافتاً، إلى أن “الجهاز تمكن من أن يقوم بمهام كبيرة جدا في مقاتلة التنظيمات الإرهابية وكانت له صولات كبيرة، تمكن من خلالها من دحر عصابات داعش خاصة بعد العام 2014”.
وأوضح، أن “الجهاز تميز بأنه كان رأس الرمح في كل عمليات التحرير منذ بدء عمليات تحرير الرمادي وانتهاء من تحرير الموصل والملحمة الكبرى، وكان للجهاز بصمة كبيرة جداً في تلك الملحمة من خلال تفرده بجانبي الموصل الأيسر والأيمن بتحرير المناطق السكنية، وهذا الأمر كان تحدياً كبيراً جداً أمام قطاعات الجهاز في تحرير هذه المناطق وطرد عصابات داعش بوجود السكان في تلك الأحياء السكنية”.
وتابع، أن “العقيدة القتالية التي يمتلكها الجهاز كان لها الدور الكبير في أن يعتمد الجهاز بعمليات التحرير على العمليات المركزية، وأيضاً العمليات التي تقوم بها الوحدات الصغيرة للجهاز من خلال إعطاء مساحة من التخطيط والتكتيك للوحدات الصغيرة بمستوى سرايا، حيث استطاع المقاتلون التكيف والبقاء أكبر فترة ممكنة بعيداً عن القيادة المركزية، وباتوا متمكنين من كافة القدرات اللوجستية التي تمكنهم من البقاء لفترة طويلة من دون أن يتم ربطهم بالدعم اللوجستي والإداري”، مشيراً، الى أن “التنسيق كان عالياً جداً بين قطاعات الجهاز ضمن قاطع المسؤولية وبين القواطع الأخرى والأجهزة الأمنية الأخرى من الدفاع والشرطة الاتحادية وأبطال الحشد الشعبي”.
ونبه النعمان، إلى أن “الخطة كانت شاملة ومركزية أعدتها قيادة العمليات المشتركة، وتم تقسيم المهام بين القطاعات الأمنية المشتركة وفق قواطع المسؤولية، وبدأت تنفيذ الخطط الخاصة بكل قاطع وبكل جهاز أمني لكن بقى التنسيق الشامل والعالي، الأمر الذي مكن القطاعات من أن تمتص قدرات العصابات الإرهابية وشل حركتها وإفشال أي مناورة من العدو والانتقال من منطقة إلى منطقة؛ لأنه عندما يكون جهاز مكافحة الإرهاب في قاطع المسؤولية هنالك قاطع مسؤولية آخر للحشد الشعبي وهو يقوم بعمليات التحرير بنفس مستوى وتيرة تقدم جهاز مكافحة الإرهاب، وأيضاً في قاطع آخر الشرطة الاتحادية بهذا العمل، وهذا التنسيق في عمليات التحرير والتقدم”.
قيادة عسكرية موحدة حققت النصر
من جانبه، أكد الفريق أول قوات خاصة سعد حربية، أن “من أبرز الإنجازات العسكرية المتحققة إثر فتوى الجهاد الكفائي تحرير جميع الأراضي والمدن التي احتلتها عصابات داعش الإرهابية بالتعاون ما بين القوات الأمنية والحشد الشعبي”.
وقال حربية : إن “الإنجازات العسكرية تحققت بالتعاون ومن خلال وضع الخطط من قبل القيادة العسكرية الموحدة التي أدت إلى تحرير المدن ومحافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل، وكل المناطق التي احتلتها داعش”، منبهاً، بأن “إنجازات دعوة الجهاد الكفائي استمرت إلى ما بعد التحرير من داعش من حيث التلاحم الوطني وتوحيد كل الشعب العراقي وبجميع الطوائف”.
دور جهاز الأمن الوطني في تأمين المعلومات
و قال المتحدث الرسمي باسم جهاز الأمن الوطني أرشد الحاكم: إن “جهاز الأمن الوطني لعب دوراً فاعلاً في الحرب على داعش الإرهابي من خلال التعاون والتنسيق المتكامل مع جميع القطعات العسكرية وتزويد الأجهزة الأمنية بالمعلومات الاستخبارية ودعم القطعات أثناء عملية التحرير”، مؤكداً، أن “جهاز الأمن الوطني كان له الدور المتميز في المرحلة التي سبقت انطلاق عمليات التحرير من خلال فتح مكاتبه ومقراته في جميع المحافظات لاستلام طلبات المواطنين للتطوع تلبية لنداء المرجعية، وكذلك تأمين الدعم اللوجستي لمراكز التدريب للمتطوعين، كما أسهم الجهاز بتنظيم الحشد العشائري وتهيئة استمارات التطوع واستبعاد العناصر غير المؤهلة”.
وأوضح، أن “الجهاز أشرف على (35) ألف مقاتل وتأمين نحو (50) معلومة استباقية للقطاعات المقاتلة وتأمين الجبهة الداخلية ومتابعة العمليات الإجرامية لعصابات داعش الإرهابية من خلال رصد مئات العبوات الناسفة والعجلات المفخخة والانتحاريين كما تطوع المئات من عناصر الجهاز للمشاركة في عمليات القتال الى جانب دورهم الاستخباري”.
ولفت، إلى أن “جهاز الأمن الوطني وخلال العمليات القتالية زَوّد قيادة العمليات المشتركة وجميع الصنوف القتاليّة بمعلومات عن (570) هدفاً، كما أسهم الجهاز بعمليات أخرى مثل الرصد الإعلامي والشائعات وصناعة الرأي العام فضلاً عن إعادة الاتصالات للمناطق المحررة”