نشر معهد كوينسي الأميركي، تقريراً بشأن وضع آليات لانسحاب القوات الأميركية من العراق في غضون خمس سنوات، فيما تحدث عن مرور عقدين على الإطاحة بنظام صدام المقبور.
وقال المعهد في تقريره الذي اطلع عليه "تنوع نيوز" اليوم الخميس، إنه "بعد مرور عقدين من الغزو الأميركي للعراق، رحل صدام منذ صدام حسين منذ فترة طويلة، وذكريات الحرب الأهلية التي أعقبت الغزو تتلاشى (من العقل الأمريكي على الأقل)، وتراجع تهديد داعش بشكل كبير، يسير العراق حاليًا في مسار مستقر، وقد تم بالفعل تكبد التكاليف السياسية والإدراكية الداخلية والخارجية لكل من التدخل والانسحاب، في أغلب الأحيان".
وأضاف، أن "المشاكل التي لا تزال منيعة أمام الحلول العسكرية تشمل الفساد المستشري، والأزمات البيئية التي تهدد سبل العيش، وسياسات التحالف التي تتجاهل احتياجات العراقيين، والتنافس على الموارد بين الإقليم والمركز، مع ارتفاع معدلات البطالة، يبدو أن العراقيين هم من يستطيعون حل هذه المشاكل".
وتابع التقرير، أن "المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة تقتصر على منع الهيمنة الخارجية وضمان التدفق دون عوائق للوقود الأحفوري، ويهدد عدم الاستقرار الإقليمي هذه المصالح من خلال خلق فرص للقوى الخارجية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة، وربما يؤدي إلى هجمات ضد الأمريكيين، في حين أن مثل هذه الهجمات ليست ذات أهمية استراتيجية ، إلا أنها يمكن أن تؤدي إلى ردود غير متناسبة لا تخدم مصالح الولايات المتحدة، فللولايات المتحدة مصلحة وطنية في عراق مستقر ولكن يجب أن توازنها مقابل تكاليف استمرار التدخل العسكري الذي استمر فعليًا لمدة عقدين من الزمن".
وأوضح تقرير المعهد الأميركي، أن "القوات الأمريكية لا تزال في العراق بدعوة من الحكومة العراقية بناءً على اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تم توقيعها لأول مرة في عام 2008، وقد تم تعزيز التزام واشنطن وبغداد باتفاقية الإطار خلال الحوار الاستراتيجي الذي بدأته إدارة ترامب في حزيران 2020 واختتمته إدارة بايدن في تموز 2021".
وأشار إلى أن "صناع السياسة في البيت الأبيض والبنتاغون ينظرون إلى الوجود الأمريكي البري والجوي في العراق وسوريا على أنه وسيلة لإيقاف قدرة داعش على زعزعة استقرار العراق، لدرجة أن الولايات المتحدة ستضطر إلى التدخل على نطاق أوسع وبعنف أكبر بكثير، ويعتبر المخططون الأمريكيون العراق وسوريا مسرحًا موحدًا للعمليات بسبب الحدود الفاصلة بين البلدين".
وبين التقرير أنه "يتم تنظيم القوات الأمريكية المتبقية في العراق البالغ عددها 2500 جندي اليوم في إطار عملية العزم الصلب (OIR)، التي تم إطلاقها في عام 2014 لمحاربة داعش، ومكتب التعاون الأمني في العراق (OSC-I)، الوظيفة الأساسية لهذه القوات هي تدريب وتقديم المشورة لقوات الأمن العراقية لزيادة قدرتها على العمل بشكل مستقل".
وأضاف التقرير، أن "السلام النسبي الذي استقر في العراق، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الدور الذي لعبته القوات الأمريكية في إضعاف تنظيم داعش، دفع البعض في واشنطن إلى تفضيل وجود عسكري أمريكي دائم، فيما يرى آخرون أن العراق كمكان يجب على واشنطن أن تتحدى فيه إيران، وقد يتساءل منتقدو أي خطة للانسحاب، "لماذا تخل بالوضع الراهن؟" يعمل وجود 2500 جندي أمريكي كضوء طيار وجاهز للاشتعال ولزيادة سريعة إذا دعت الحاجة، لكن هذا المنطق لا يصح إلا إذا استبعد المرء الشكوك طويلة المدى المتعلقة بالتطور السياسي في العراق، والسياسة الداخلية للولايات المتحدة ، وظهور تهديدات عسكرية جديدة من شأنها أن تجعل حتى الحد الأدنى من البصمة في العراق غير مقبول، إن الاستمرار في المسار دون تطوير استراتيجية خروج واضحة يزيد من احتمالية تنفيذ انسحاب على عجل في المستقبل".
ولفت إلى أن "المصالح الأمريكية في العراق تفرض مهمة تقديم المشورة والمساعدة والتمكين على المدى المتوسط، لكن فوائد هذه المهمة ستتضاءل بمرور الوقت وستنخفض تكاليف الانسحاب بشكل متناسب، بينما يشير بعض منتقدي إنهاء التدخل العسكري إلى قواعد أمريكية دائمة في دول أخرى مثل ألمانيا أو كوريا الجنوبية، فمن المهم مراعاة الظروف الاستراتيجية والسياسية والمجتمعية المختلفة التي أدت إلى إنشائها، على عكس الأماكن الأخرى التي يوجد فيها وجود عسكري أمريكي دائم".
وأكد التقرير أن "القوات الأمريكية في العراق تظل تحت تهديد كبير، هناك أيضًا خطر تصعيد الصراع بين الولايات المتحدة وفصائل المقاومة، بالإضافة إلى ذلك، في حين أن العديد من أصحاب المصلحة العراقيين يستفيدون من وجود القوات الأمريكية، يمكن القول أن المجتمع العراقي ككل أقل استعدادًا لوجود دائم للقوات الأمريكية من بعض الأماكن الأخرى".
وتابع التقرير، أن "السؤال المطروح هو، إلى متى؟ إن الالتزام المفتوح ، أو حتى الالتزام الذي يُقاس بالتقدم نحو المعايير الرئيسية يقوض حافز العراق للتطوير والحفاظ على قدرة مستقلة ويشجع على الفساد حيث يُنظر إلى القوات الأمريكية على أنها آمنة ضد الانهيار التام للظروف الأمنية في عام 2014".
وقال التقرير الأمريكي، إن "فكرة الانسحاب على أساس التقويم أصبحت من المحرمات في واشنطن بسبب إعادة انتشار القوات القتالية الأمريكية في العراق بعد صعود داعش وتاريخ إدارة أوباما الذي حدد المواعيد النهائية لزيادة القوات في أفغانستان".
ويرى التقرير، أن "الانسحاب من العراق سيقلل من نفوذ الولايات المتحدة ويقلل من قدرة واشنطن على تقييم تقدم قواتها الأمنية أو جمع المعلومات الاستخبارية، ومع ذلك، فإن العلاقات الدبلوماسية الثنائية لا تعتمد عادة على القوات الأمريكية المنتشرة، وسوف يؤدي تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق في نهاية المطاف إلى سحب القوات الأمريكية".
وبحسب التقرير، فإنه "إدراكًا للحدود والمخاطر المحتملة لبرامج تقديم المشورة والمساعدة، يجب استبدال عملية العزم المتأصل بمجموعة أصغر من المستشارين والمشغلين الخاصين المنتظمين حول مكتب التعاون الأمني - العراق (OSC-I) في بغداد ، مع لقب صغير مهمة تحت القيادة المركزية الأمريكية للمساعدة في التدريب والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR)".
وتابع المعهد الأميركي، أنه "يجب سحب جميع القوات الأمريكية من العراق في غضون خمس سنوات، باستثناء حراس الأمن البحري للسفارة وأفراد OSC-I تحت إشراف البعثة الأمريكية، ومع ذلك ، يجب أن تستمر التدريبات المؤقتة المشتركة ، والوفود العسكرية ، وجهود التخطيط المشتركة باستخدام أفراد TDY إذا رغب كلا البلدين".
وأكد أنه "يجب الاستمرار في تطوير قدرات القوات العراقية الشريكة ، مثل جهاز مكافحة الإرهاب (CTS) ووكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية (FIIA)، مع التركيز على تخطيط المهمة والتنسيق ، والاستطلاع والمراقبة والاستطلاع ، وقدرات الأسلحة المشتركة".
وبين تقرير المعهد الأميركي، أنه "ينبغي السعي إلى مزيد من التنسيق بين هذه الوحدات وقيادة العمليات المشتركة في العراق (JOC-I)، وسيتطلب ذلك تطوير أساليب بديلة لإجراء التدريبات العسكرية المشتركة مع القوات العراقية الشريكة داخل وخارج العراق ، بما في ذلك في الدول المجاورة والولايات المتحدة ، للتعويض عن انخفاض جودة التدريب لقوات الأمن العراقية باعتبارها نتيجة الانسحاب".
واختتم المعهد تقريره بالقول: "ستسمح هذه التوصيات بالانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من العراق ، مع التركيز على التدريب طويل المدى على غرار أنشطة الجيش الأمريكي في دول المنطقة الأخرى حيث يتم تطبيع العلاقات. ستضمن هذه الخطوات تدهور داعش على المدى القصير ، والتطوير التقني والتنظيمي للوحدات الأكثر فاعلية داخل قوات الأمن العراقية ، والانتقال إلى حالة أكثر تطبيعًا للعلاقات الأمريكية العراقية