طور باحثون من جامعة ستانفورد خوارزمية قد تساعد في تمييز ما إذا كان شخص ما مصابا بالتوحد، من خلال النظر في فحوصات الدماغ، معتمدة على التطورات الحديثة في الذكاء الاصطناعي (AI).
وتتنبأ الدراسة بنجاح قياس شدة أعراض التوحد لدى المرضى، مع مزيد من الشحذ، ويمكن أن تؤدي الخوارزمية إلى تشخيصات مبكرة وعلاجات أكثر استهدافا، وتوسيع نطاق فهم أصول التوحد في الدماغ.
وتقوم الخوارزمية بتقطيع البيانات التي تم جمعها من خلال عمليات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، إذ تلتقط هذه الفحوصات أنماط النشاط العصبي في جميع أنحاء الدماغ، من خلال رسم خرائط لهذا النشاط بمرور الوقت في مناطق الدماغ العديدة، تولد الخوارزمية النشاط العصبي “بصمات الدماغ” وعلى الرغم من كونها فريدة لكل فرد تماما مثل بصمات الأصابع الحقيقية، إلا أن بصمات الدماغ تشترك مع ذلك في ميزات متشابهة، مما يسمح بفرزها وتصنيفها.
وقيمت الخوارزمية فحوصات الدماغ من عينة لحوالي 1100 مريض، بدقة تصل إلى 82٪ ، واختارت الخوارزمية مجموعة من المرضى الذين شخصهم الأطباء بالتوحد.
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة، الأستاذ المساعد في الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة ستانفورد” كاوستوب سوبكار”: “على الرغم من أن التوحد هو أحد أكثر اضطرابات النمو العصبي شيوعا، إلا أن هناك الكثير حوله لدرجة أننا ما زلنا لا نفهمه، وفي هذه الدراسة، أظهرنا أن نموذج” بصمة “الدماغ المدفوع بالذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة جديدة قوية في تطوير التشخيص والعلاج”.
وبحسب الخبراء يفتقر التوحد إلى مؤشرات حيوية موضوعية – قياسات منبهة تكشف وجود حالة طبية وشدتها في بعض الأحيان – مما يعني عدم وجود اختبار بسيط للاضطراب، ويعتمد التشخيص على مراقبة سلوكيات المرضى والتي تكون بطبيعة الحال شديدة التغير وبالتالي تجعل التشخيص تحديا.
وبحث العلماء منذ فترة طويلة عن المؤشرات الحيوية عبر فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، وقد أبلغت الدراسات التي أجريت حتى الآن على مجموعات سكانية صغيرة عن نتائج متضاربة، نابعة من التباين الطبيعي في أدمغة المرضى ومربكة أكثر بسبب الاختلافات في أجهزة الرنين المغناطيسي الوظيفي وطرق الاختبار.
اعتقد الباحثون أن المكان الجيد للبدء هو خوارزميات التعرف على الصور، التي طورتها شركات التكنولوجيا، حيث تطورت هذه الخوارزميات بشكل متزايد في التعامل مع درجات كبيرة من التباين في الصور التي يقومون بتقييمها، بحسب الخبراء.
يقول سوبكار:” تخيل خوارزمية مصممة للتعرف على القطط والكلاب في الصور عبر الإنترنت، يجب أن تتعامل هذه الخوارزمية مع الحيوانات التي يتم تصويرها من زوايا ومسافات مختلفة، بالإضافة إلى حساب نطاقات الألوان والميزات بين السلالات”.
ويضيف سوبكار: “لكي ينجح الذكاء الاصطناعي في التعرف على الصور لا يهم إن كان ابني البالغ من العمر 5 سنوات قد التقط الصورة أو شخصا حائزا على جائزة في التصوير الفوتوغرافي – يجب أن تعمل الخوارزمية في كلتا الحالتين، نفس النوع من عدم التجانس الذي تحصل عليه في صور القطط والكلاب، يتم إجراء مسح ضوئي للدماغ أيضا”.
وبحسب سوبكار يسعى البحث في اشتقاق خوارزميات التعرف على الصور إلى جعل الذكاء الاصطناعي قابلا للتفسير أو المفهوم للباحثين من البشر، وركز الباحثون في السنوات الأخيرة على صياغة الذكاء الاصطناعي القابل للتفسير، أو XAI ، على عكس أنظمة الذكاء الاصطناعي التقليدية التي قد تنتج نتائج جيدة ولكن ليس بطرق واضحة بسهولة.
صمم الباحثون نموذجا رياضيا يقيم التفاعلات الإقليمية والترابطية في الدماغ، وبالتالي حساب خوارزمية XAI على ثلاث مناطق دماغية تظهر اختلافات كبيرة في الاتصال البيني في جزء قابل للتجميع من مجموعة البيانات، وهي والقشرة الحزامية الخلفية، والتي تشكل جزءا من شبكة الوضع الافتراضي (DMN)، وهي نشطة بشكل ملحوظ خلال فترات الراحة اليقظة، القشرة الأمامية الجبهية الظهرية والجانبية البطنية، تشارك في التحكم المعرفي،والتلم الصدغي العلوي ، الذي يشارك في معالجة الأصوات البشرية على وجه الخصوص ، كانت الاضطرابات في DMN بمثابة تنبؤات قوية لشدة أعراض التوحد في السكان المدروسين.ويسعى سوبكار إلى استخدام بصمات الدماغ لتقييم أدمغة الأطفال الصغار جدا، في عمر ستة أشهر أو سنة، والذين هم أكثر عرضة للإصابة بالتوحد، ويُعد التشخيص المبكر أمرا بالغ الأهمية في تحقيق نتائج أفضل، حيث أثبتت العلاجات فعاليتها عند تقديمها بينما لا يزال المرضى في سن الحبو مقارنةً بعمرهم في مرحلة الطفولة.