أحمد عبد السادة
عندما طالبت بأن تكون الطارمية منطقة منزوعة السكان على غرار (جرف الصخر) - بشرط تعويض الأهالي غير المتورطين بالإرهـــاب - كحل أخير لاستئصال الإرهــــاب منها بعد 16 سنة من محاولات استئصاله غير الموفقة، شتمني البعض واتهمني بأنني أطالب بتغيير ديمغرافي للمنطقة وبأنني أدعو لإبادة سكان الطارمية تنفيذاً لمخطط طائفي!!.
والمضحك بالأمر أن (بعض) من شتمني واتهمني كان ناطقاً شعرياً بإسم داعــ.ـــش ومنصات وساحات الاعتصام البعثية التكفيريـــة الداعـــــشية كوليد الخشماني، و(البعض) الآخر الذي اتهمني اضطلع لسنوات بدور الغطاء "التحليلي الاستراتيجي" لبالوعة داعـــ.ــش، وأسرف في تبرير وجود تنظيم داعــ.ـــش بذريعة الاستهداف الطائفي المزعوم للسنة وكان يهاجم الحشد الشعبي المضحي ويصف العشائر "السنية" التي تقاتل داعــ.ـــش بأنها عشائر "عميــلة لحكومة بغداد" كيحيى الكبيسي الذي وصف الحل الذي طرحته بشأن الطارمية بأنه "منطق إجرامي" في أحد "گروبات" الواتساب.
وللرد على هذه الاتهامات الفارغة والمفلسة أقول:
لم أطالب أبداً بإبادة سكان الطارمية أو بتهجيرهم ورميهم على الحدود كما فعل الدكتاتـــور المقبــور صدام حسين بالكرد الفيليين المساكين حين هجرهم وصادر ممتلكاتهم ورماهم على الحدود العراقية الإيرانية، وهذا الدكتاتور صدام حسين هو نفسه الذي لا يزال يحبه (أغلب) سكان الطارمية وأخواتها ويعتبرونه - لأسباب طائفية - أفضل حكام العراق!!، وإنما طالبت بإخلاء الطارمية من السكان وتعويض هؤلاء السكان بمنحهم قطع أراض في مناطق أخرى غير خطرة جغرافياً، ومحاسبة المتعاونين مع الإرهـــابيين منهم حسب القانون، وذلك بسبب صعوبة استئصال الإرهــــاب من الطارمية نظراً لطبيعتها الجغرافية التي تمتلئ بالبساتين والمغاور، ونظراً لتعاون العديد من أهالي الطارمية مع الإرهــــابيين، ونظراً لخطورة وحساسية الموقع الجغرافي للطارمية وتعقيداته وتأثيراته البالغة على الوضع الأمني في بغداد وصلاح الدين وديالى والأنبار.
هناك حقائق صادمة عن الطارمية يخشى الكثيرون من البوح بتفاصيلها، ومن ضمن هذه الحقائق حقيقة وجود تواطؤ وتخادم بين (بعض) ضباط الجيش وبين الدواعـــــش الموجودين داخل الطارمية - وأغلبهم بالطبع من سكانها! -، وهذا التخادم "القاتـــل" يقضي بدفع مبالغ مالية معينة من قبل الدواعـــــش لبعض الضباط، تلك المبالغ المستحصلة من استثمار الدواعـــــش لبحيرات الأسماك في الطارمية، مقابل السماح لهؤلاء الدواعـــــش بإدخال السلاح والعتاد والإرهـــابيين للطارمية وتحويلها إلى بؤرة ومنطلق لنشاطات إرهــــابية تتمدد خارج الطارمية في بغداد وصلاح الدين وديالى والأنبار.
وهذا الكلام لا يعني الاستهانة بالجيش وتضحياته إطلاقاً ولا يعني الشك بإخلاص وولاء الكثير من ضباط الجيش وجنوده الأبطال للدولة وحرصهم على حفظ الأمن، ولكن لا بد من الاعتراف بأن (بعض) قادة الجيش فاســدون ومرتشون بل ومتواطئون مع الإرهــــاب للأسف، الأمر الذي يعرض أرواح الجنود والمدنيين للخطر، وهذا هو سبب رفضنا المستمر لدمج الحشد الشعبي مع الجيش، وذلك لكي يحافظ الحشد على نزعته القتالية العقائدية المستمدة من قادته، ولكي لا يكون الحشديون تحت أمرة (بعض) الضباط الفاسديــن أو تحت سلطة وزير دفاع قد يكون موالياً لبعض الدول المعادية للعراق ومنفذاً لأجنداتها.
استناداً لذلك أقول بأن ملف الطارمية الحساس والمعقد يحتاج إلى منظومة عسكرية مختلفة وإلى أداء أمني مغاير، ولا شك أن الحشد الشعبي هو الجهة المرشحة والمؤهلة الأكبر لمسك هذا الملف، نظراً لتجارب الحشد الناجحة في تحرير المناطق الوعرة جغرافياً واجتماعياً ومسك أرضها بصلابة، ونظراً لاستحالة اختراق الحشد من قبل الدواعـــــش وداعميهم، ونظراً لنجاح الحشد الكبير في ملف (جرف الصخر) الذي يشبه ملف (الطارمية) إلى حد كبير.
ولهذا فإن رئيس الوزراء مطالب الآن بتغيير الاستراتيجية العسكرية والأمنية في الطارمية وأخواتها من المناطق الساخنة والمترجرجة أمنياً وتسليم ملف الطارمية وأخواتها لقبضة الحشد الشعبي إذا أراد فعلاً أن ينجح في الجانب الأمني الذي شهد مؤخراً اختراقات وإرباكات ونكسات عدة بسبب قيام داعــ.ـــش بالتقاط أنفاسه وتنظيم صفوفه وتفعيل نشاطاته الإرهــــابية مجدداً في العديد من مناطق العراق.