×

أخر الأخبار

كويخا حيدر الأركوازي... مضيفُ الملوك وضميرُ خانقين الحي

  • 8-05-2025, 01:13
  • 413 مشاهدة


خانقين: إيناس الوندي

في خانقين، حيث تتعانق ظلال النخيل مع همسات التاريخ، وتخزن الأزقة قصص الشرف والبطولة، يسطع اسم كويخا حيدر مهدي فتاح الأركوازي كواحد من أعمدة الذاكرة الشعبية، رجلٌ لم يكن مجرد مختار قرى، بل كان ضميرًا حيًا في وجه العتمة، وصوتًا للكرامة حين صمت الآخرون.

بيتُه كان ملاذًا، وموقفه كان حدًّا فاصلاً بين النزاهة والانكسار. وفي هذا التحقيق، نروي فصولًا من سيرة هذا الرجل،

 على لسان حفيده الإعلامي (خليل أشرف حيدرمهدي علي أكبر نامدارخان)، لنكتشف كيف عاش في الظل لكنه ترك أثرًا يليق بالضوء.

 "أفتخر أني أعمل فلاحًا في أرض جدي... لأنها أرض تشهد على شرف لم نُنشئه بالكلام، بل بالكرامة والعمل."
– خليل أشرف حيدر

عندما زار الملك بيت الأركوازي: مأدبة على بساط الكرامة

في أحد أيام ثلاثينيات القرن الماضي، زار الملك غازي قرية عالياوه في خانقين، ترافقه شخصيات بارزة من وجهاء ديالى، بينهم الشيخ حميد اليحيى التميمي. لم تكن خانقين آنذاك تملك قاعة رسمية أو مطعمًا يليق بالملك، ففُتِحت أبواب دار كويخا حيدر، ليتحول المضيف إلى بلاطٍ مؤقت للمملكة.

 "الوليمة التي قُدمت لم تكن مجرد طعام، بل كانت تعبيرًا عن ضيافة لا تُشترى"، يقول خليل.



وفي مشهد يدل على أصالة لا تساوم، قُدّمت للملك هدية متواضعة بطابع عظيم، وردّ غازي الجميل بهدايا فاخرة:

سيف روسي أصلي

خنجر مذهّب

مبلغ 1000 دينار عراقي

طقم قنفات فاخر


لكن كويخا، بروح مترفعة عن المال، ردّ المبلغ قائلاً:

 "شرف استضافة الملك أغلى من أي ثمن."



وقفةُ عزّ في وجه الانكسار: "لم تجدوا أكفر مني؟!"

يروي خليل حكاية أخرى من حكايات المروءة. حين تواطأ بعض وجهاء المدينة على عزل السيد محمد الشبر من حسينية خانقين، اجتمعوا على التوقيعات... لكنهم اصطدموا بجدارٍ من الموقف.

 "لم تجدوا أكفر مني كي يوقّع على عزل ابن رسول الله؟!" – كويخا حيدر


بهذا الردّ القاطع، أفشل المؤامرة، وانتصر لقيمة، لا لشخص.

"جدي لم يكن رجل دين، لكنه فهم الدين كما يُفهم الحق"، يضيف خليل.


المختار الذي خدم الناس قبل أن يحكمهم

تولّى كويخا حيدر منصب المختارية في ثلاث قرى رئيسية:

محمد شيربك (حتى وفاته عام 1965)

دارا

دربنجق


كما سُجّل اسمه رسميًا في سجلات الدولة، إذ حملت "مقاطعة 8 حاج قرة" اسمه في عهد الملكية، ولا يزال محفوظًا حتى اليوم في دائرة زراعة خانقين.


من نسل الزند... إلى تراب خانقين

ينحدر كويخا من سلالة علي أكبر نامدارخان، أحد قادة جيش حسين بن كريم خان الزند. وبعد سقوط الدولة الزندية، استقرت الأسرة في خانقين عام 1805، لتضرب جذورها في تربة العراق.

 "نحن من نسل الزند، لكن جذورنا ضُرِبَت هنا، بين النهر والناس"، يقول خليل.



وتوثّق هذه الأصول في كتاب "هجرة صقور الزند" للكاتب محمد وليد الزندي، ما يمنح السيرة بعدًا تاريخيًا عميقًا.

من المضايف إلى الإعلام... الامتداد الذي لا ينقطع

لا تزال روح كويخا حيدر تنبض في وجدان أحفاده، وعلى رأسهم خليل أشرف، الذي انشغل بالإعلام، وأدار دار الشهيد سلام الثقافي، قبل أن يعود فلاحًا في أرض الجد، حارسًا للميراث.

 "البيت الذي استضاف الملك غازي لا يزال قائمًا، ونحن نحرسه ليس بالحجارة بل بالحكايات"، يختم خليل.


الهوية الكاملة لرجل صار ذاكرة

الاسم الكامل: كويخا حيدر مهدي فتاح حسين عبدالله علي أكبر نامدارخان الأركوازي

تاريخ الميلاد: 1891

تاريخ الوفاة: 1 تشرين الثاني 1965

المناصب: مختار قرى محمد شيربك، دارا، دربنجق

اللقب العشائري: الأركوازي