×

أخر الأخبار

مستقبل المكونات في ظل السيادة العراقية

  • 6-09-2020, 11:32
  • 335 مشاهدة
  • د. طورهان المفتي

اقر الدستور العراقي مبدأ المواطنة بصورة اساسية و معها الحقوق و الواجبات ، الا ان نفس الدستور جعل الانتساب الى المكون جزء لا يتجزأ من المواطنة و هذا اجراء وارد في دولة متشكلة اساسا من مكونات مختلفة ، فالدولة العراقية الى قبل اقل من مئة سنة كانت زاخرة بالعشرات من المكونات القومية الدينية و المذهبية المختلفة و لم يكن هذا الانتماء مثار خوف على البلاد و انما كانت سمة مميزة للعراق في التعايش السلمي و الامتزاج الثقافي .و في الحقيقة فان هذا العدد الكبير من المكونات المختلفة هي بطبيعة الحال ناتجة من التاريخ و الحضارة الغنية لبلاد الرافدين و الذي جعل منه قبلة الهجرة لقبائل و شعوب برمتها منذ فجر التاريخ و حتى نهاية القرن التاسع عشر ، و هنا لا بد من الذكر بان المكونات العراقية هي قديمة قدم العراق و ليست طارئة على جغرافيتها و انما هذه المكونات ضاربة في قدم التاريخ و الحديث يطول فيما اذا فصلنا سلوكية و اتجاهات و تواريخ تواجد كل مكون على حدى في ارض الرافدين .
مع بداية اربعينيات القرن الماضي بدأت صورة المكونات و تواجدها و عددها و عديدها بالتغير و التغيير تدريجيا ، فاختفت مكونات كانت موجودة في الوسط و الجنوب من البلاد و لم تبقى الا شيئا بسيطا متمثلة الصابئة و المسيحين هناك( و هي في تناقص مستمر ) .
و استمرت المكونات في الشمال في مناطق الاقليم ايضا بالاضمحلال و لكنها حافظت على نفسها اكثر من مناطق الوسط و الجنوب ، و ليتمركز حاليا الغالبية العظمى من .التغاير المكوناتي في الشمال
حيث نلاحظ ان منطقة تواجد المكونات هي نفس المناطق التي اطلقت عليها دستوريا ب ( المناطق المتنازع عليها )
لو ركزنا قليلا على هذه المنطقة من الناحية الاقتصادية فاننا و بكل سهولة سوف نجد ان الحقول البترولية محصورة فيها في جغرافية شما و شمال غرب البلاد ، التربة الزراعية و نوعيتها و انتاجها للغلة على اجود نوع ، هناك الكثير من الخامات الاقتصادية التي تستخدم كمواد اولية للبناء و ما شاكل ذلك و اخيرا و ليس اخرا نوعية و كمية المياه الجوفية الممتازة فيها .
كل هذه الامكانات جعلت من هذه المنطقة محط الرحال منذ فجر التاريخ لتكون هذه المنطقة غنية جدا بالمكونات و كما هي غنية بالثروات .
نرجع الى انتشار المكونات في البلاد ، من المؤسف جدا ان العراق ليس فيه خارطة رسمية معتمدة لتوزيع المكونات و انما هناك دراسات سردية فقط حول هذا و ذاك ( قد يكون ذلك بسبب سياسة الانظمة السابقة ذات النهج القومي الاحادي ) بالتالي ما يعتمد عليه من الخرائط هي في الواقع منجزة من قبل باحثين و منظمات و مؤسسات عالمية و دولية .و لو القينا نظرة سريعة فاننا سوف نجد ان هذه الخرائط تغير فيه توزيع المكونات و جغرافيتهم كل عشر سنوات فالخارطة في سبعينيات القرن الماضي و كما هي موضحة ادناه
مختلفة عن خارطة الثمانينات و التسعينيات و حتى بعد ٢٠٠٣ لتتحول فيه بعض المكونات مثل التركمان و المسيحيين الى تواجد ثقافي و ليس جغرافي و توضع على الخارطة كنقاط و ليست كامتداد جغرافي و لتختفي الكثير من المكونات التي كانت مؤشرة في خارطة السبعينيات.
والخارطة بعد داعش و احتلاله لمناطق كبيرة من مناطق المكونات و بعد دحر داعش حصلت تغيرات في هذه المناطق و القائمين على رسم الخارطة اجروا تغييرات كبيرة فيها حتى وصلت جغرافية انتشار المكونات الكبرى و تم انتزاع مناطق الصحارى و الجزيرة و بعض المناطق في الاهوار من توزيع المكونات و جعلها مناطق غير اهلة بالسكان و تاثيرها باللون الابيض
ان كل ما سبق اعلاه يشير بوضوح الى عدم استقرار المكونات في العراق و عدم الشعور بالامان و من جانب اخر استخدام هذه الورقة كعامل زعزعة استقرار للبلاد و استقطاب قضية المكونات من قبل اطراف تساهم في تقويض السيادة العراقية ، و وجود ترحيب دولي لهم في الهجرة قد زاد من عدم استقرار المكونات في مناطقهم مما ينبىء بان بلاد الرافدين امام منحنى خطر من فقدان مكوناته ، مما سيتم استخدام هذه الورقة مستقبلا ضد البلاد و سيادته و اقتصاده. و يبيح مجالا للتدخل في شؤونه و خاصة في ظل الوضع العام بصورة اساسية غير مستقرة بعد ٢٠٠٣ و الى الان .
و على هذا الاساس نجد من الضرورة بمكان عرض بعض التوصيات التي قد تساهم في تثبيت المكونات في مناطقهم و بالتالي تفويت الفرصة على الاستخدام المتضاد لهذا الملف من قبل الاخرين .
التوصيات
١- الشروع بكتابة قانون حماية المكونات .
٢- انتاج خرائط عراقية دقيقة لانتشار المكونات جغرافيا.
٣- تأسيس المجلس الاعلى للمكونات.
٤- استيعاب المكونات من خلال كفاءاتها غير المستقطبة.