تقع ناحية آمرلي في محافظة صلاح الدين شمال العراق، وتتميز بأهميتها الاستراتيجية نظرًا لموقعها الجغرافي، حيث كانت تمثل نقطة محورية في المواجهات ضد تنظيم داعش. يقطن المدينة أغلبية من التركمان الشيعة الذين رفضوا الاستسلام للإرهابيين، وظلوا صامدين رغم الحصار الخانق ونقص الغذاء والدواء.
بدأ تنظيم داعش الإرهابي حصاره على آمرلي في يونيو 2014، بعد اجتياحه لمساحات واسعة من العراق. فرض التنظيم طوقًا على المدينة، وقطع عنها جميع الإمدادات، في محاولة لإجبار أهلها على الاستسلام. لكن أهالي آمرلي، بالتعاون مع عناصر من الحشد الشعبي، تصدوا للهجمات المتكررة بأسلحة بسيطة، مما جعل صمودهم رمزًا للمقاومة ضد الإرهاب.
مع تصاعد معاناة المدنيين في آمرلي، تحركت القوات العراقية، مدعومة بالحشد الشعبي، لشن عملية عسكرية كبرى لفك الحصار. في 31 أغسطس 2014، بدأت القوات هجومًا واسع النطاق من عدة محاور، بمشاركة الجيش العراقي، الشرطة الاتحادية، ومتطوعي الحشد الشعبي، إضافةً إلى غطاء جوي من القوة الجوية العراقية.
تمكن المقاتلون من كسر الطوق الذي فرضه داعش حول المدينة، وقاموا بتحريرها بالكامل، ما شكّل منعطفًا مهمًا في الحرب ضد الإرهاب، وأعطى دفعة معنوية كبيرة للقوات العراقية في معارك التحرير اللاحقة.
لقد قدم الحشد الشعبي تضحيات عظيمة في معركة آمرلي، حيث سقط العديد من الشهداء والجرحى في سبيل تحرير الأرض وإنقاذ الأهالي. هؤلاء الأبطال وقفوا بشجاعة في وجه التنظيم الإرهابي، ولم تثنهم الظروف القاسية عن أداء واجبهم المقدس في الدفاع عن الوطن. إن ذكرى تضحياتهم ستبقى خالدة في وجدان العراقيين، ولن يُنسى دورهم في الحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها.
يبقى تحرير آمرلي أحد المحطات المضيئة في تاريخ العراق الحديث، حيث جسّد الحشد الشعبي والقوات الأمنية أروع صور التضحية والفداء في سبيل الدفاع عن الأرض والشعب. واليوم، تستمر الجهود في إعادة إعمار المدينة وتوفير الحياة الكريمة لسكانها الذين صمدوا في وجه أعتى هجمة إرهابية شهدها العصر الحديث. وستظل بطولات الحشد الشعبي محفورة في ذاكرة الوطن، شاهدة على نضال أبناء العراق ضد الظلم والإرهاب.