في خطوة استراتيجية تهدف إلى تطوير العاصمة بغداد، أعلن رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، عن البدء في تنفيذ مشروع بناء "العاصمة الإدارية" الجديدة. يُعد هذا المشروع بمثابة حجر الزاوية في مساعي الحكومة لإعادة هيكلة العاصمة وتحسين البنية التحتية، إضافة إلى تخفيف الازدحام وتوفير مرافق إدارية وحكومية حديثة. لكن السؤال يبقى: هل يمكن للحكومة الحالية التغلب على التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه تنفيذ هذا المشروع الضخم؟
تفاصيل المشروع:
تتعدد أهداف مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، حيث يهدف إلى نقل العديد من مؤسسات الدولة الحكومية من قلب بغداد إلى منطقة جديدة تقع على بعد 30 إلى 50 كيلومترًا من المركز الحالي للمدينة. ويشمل المشروع بناء مقرات حكومية، مناطق سكنية حديثة، مناطق تجارية ومالية، بالإضافة إلى تطوير شبكة من الطرق الحديثة والمرافق العامة.
تم الإعلان عن فكرة المشروع لأول مرة في عام 2013، لكن مع تولي مصطفى الكاظمي منصب رئيس الحكومة في 2020، بدأت الحكومة الجادة في التخطيط لتنفيذه. ورغم مرور سنوات على بدء التفكير الجاد في المشروع، كانت حكومة محمد شياع السوداني التي تولت السلطة في أكتوبر 2022 هي المسؤولة عن تحريك عجلة التنفيذ عبر تشكيل اللجنة العليا للإشراف على المشروع، وتخصيص الأراضي والميزانيات.
مكونات العاصمة الإدارية:
التحديات السياسية والاقتصادية:
على الرغم من الطموحات الكبيرة لهذا المشروع الضخم، يواجه تنفيذ العاصمة الإدارية تحديات عدة، خاصة في ظل الوضع السياسي والأمني الراهن في العراق. أولاً، يشهد العراق توترات سياسية داخليًا، فمع استمرار التوترات بين القوى السياسية المختلفة في ظل الانقسامات الحادة، قد يتسبب ذلك في تأخير خطوات التنفيذ وإعاقة عمليات اتخاذ القرار اللازمة.
ثانيًا، تشهد المنطقة توترات إقليمية متمثلة في تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السابقة للجبهات المقاومة العراقية ، ما يضيف عبئًا إضافيًا على الحكومة في تعزيز الاستقرار السياسي والأمني في البلاد. كيف ستتعامل الحكومة مع هذه التحديات في ظل التركيز على مشروع بهذا الحجم؟
هل يمكن للحكومة الحالية تنفيذ المشروع؟
على الرغم من الدعم الدولي الذي يمكن أن يتلقاه المشروع، ورؤية الحكومة العراقية لتحويل العاصمة إلى نموذج حديث، فإن تحديات الأمن والسياسة تشكل عوائق رئيسية. التوترات السياسية الداخلية والعلاقات المتأزمة مع بعض الفصائل المسلحة، بالإضافة إلى ضغوط المجتمع الدولي، قد تؤثر بشكل مباشر على قدرة الحكومة على التنفيذ بشكل سلس وفي الوقت المحدد.
التهديدات السياسية والتطورات السريعة في المنطقة قد تؤدي إلى عرقلة المشاريع التنموية التي تعتمد على استقرار الحكومة وقدرتها على الحفاظ على سيطرتها الأمنية. من هنا، يجب على الحكومة العراقية ضمان التنسيق الداخلي بين مختلف الأطراف السياسية، وتعزيز الاستقرار الأمني في الوقت الذي تسعى فيه لتحقيق هذا المشروع الضخم.
الخاتمة:
مشروع "العاصمة الإدارية" هو خطوة كبيرة نحو تحديث العراق وتخفيف العبء على العاصمة بغداد. ومع ذلك، تبقى قدرة الحكومة العراقية على تنفيذ هذا المشروع في ظل التحديات السياسية والتهديدات الأمنية علامة استفهام كبيرة. إذا تمكنت الحكومة من تأمين الاستقرار السياسي والأمني، فقد يكون المشروع بداية لمرحلة جديدة من التنمية. أما إذا استمرت التوترات الداخلية والإقليمية، فقد يتأخر تنفيذ المشروع أو يواجه عقبات قد تكون أكثر تعقيدًا من المتوقع.