×

أخر الأخبار

نقاط على قارعة طريق الإئتلاف الجديد..!

  • 3-07-2020, 13:11
  • 291 مشاهدة
  • عمار محمد طيب العراقي

قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ) [هود: 118-119]
يظل الحديث عن الائتلاف والاختلاف وأديباته؛ حديثًا نظريًا مُنمّقًا، لكن التجربة بممارسته على أرض الواقع، هي التي تكشف عن قدرتنا على توظيف الاختلاف للمصلحة العامة، كما تكشف عن قدر حاجتنا للحديث عن ثقافة الائتلاف وآداب الاختلاف.
بدءا نثبت هنا حقيقة أننا كمنخرطين بالحقل السياسي؛ عبر بوابة الإعلام وصناعة الرأي، نعبر عن تفاعل إيجابي مع كل جهد؛ يمضي بمشروع دولة العراق التي لم تولد بعد إلى أمام، لكن هذا الموقف الإيجابي ليس شيكا على بياض، بل هو تفاعل يستحضر دائما المقدمات ليصل الى النتائج.
إستحضار المقدمات؛ يكشف أن العملية السياسية منذ إنطلاقتها الكسيحة عام 2005، كانت تسير بخطوط متعرجة، فضلا انه لا ضوابط أو محددات تضبطها، غير ضابطة المصالح، وتارة تكون تلك المصالح طائفية، وأخرى فئوية، أو حزبية ، لكن في أغلب المحطات كانت المصالح الشخصية هي الأطغى!
من بين أكثر المصالح الفردية بروزا، كان حب الزعامة وما تدره من منافع وجاه وإمتيازات، هو الملمح الأبرز وهو الحاكم للعلاقات السياسية، وقد قاد حب الزعامة البلاد الى منزلقات خطيرة، وخسرنا بسبب هذا الهوس فرصا كبيرة وواعدة، لبناء دولة العراق على اسس صحيحة، ووضع حب الزعامة معظم كبار الساسة على سكة اللاعودة، إذ بات هذا المسلك طريقهم الأوحد؛ بالتعاطي مع المشكلات التي يواجهها شعبنا، وها نحن نلمس بشكل حقيقي ودائم؛ (أنا ومن بعدي الطوفان) و (أما أن ألعب أو أخرب الملعب).
لقد تسبب حب الزعامة بإنفلات مستقبلنا من بين ايدينا، كما تنفلت حبات الرمل من قبضة طفل، وتوصل شعبنا الى حقيقة ساطعة، وهي أنه ما من شيء أضر بمستقبله؛ مثلما أضر به هذا الجيثوم البغيض، وانه وقبل كل العوامل الأخرى؛ كان سببا في  زرع فيروس التفرقة بين القوى السياسية، وسرعان ما انتقل هذا الفيروس الى صفوف الجماعات والأفراد، وبات شعب مجموعات من "الأتباع"، لـ"متزعمين سياسيين" وليسوا "زعماء" حقيقيين..إذ ليس بين هذه الهلمة، من يستحق وصف "زعيم على الإطلاق"..هل فيهم مثلا "هوشي منه" أو "غاندي" أو "عبد الناصر" أو "سكوتوري" او "مهاتير محمد"؟!
غالبا ما تتشكل الإئتلافات السياسية بغية تحقيق أهداف مرحلية، إذ أن الأهداف الأستراتيجية لا تحققها إلا أمة متوحدة، خلف قيادة ذات وجود سياسي، مدعم بثقل فكري ومجتمعي راسخ، في العراق مثلا الأهداف الأستراتيجية ما تزال غائبة لغياب هذه القيادة، فقط في حدثين نادرين برزت هذه القيادة، في الإصرار على أن يتولى العراقيين كتابة دستورهم بأنفسهم، وفي فتوى الجهاد الكفائي التي أنقذت الوطن، من ذهابه الى المجهول على يد الدواعش الأشرار، ولكن هذه القيادة ولأسباب فكرية تعتقدها صحيحة ولذلك نحترمها، تركت الشأن السياسي للسياسيين، وهي عالمة بحجم السوء الذي يكتنفون عليه، والدليل أنها ومنذ عدة سنوات أوصدت بابها بوجههم، وتركت الشأن السياسي لإجتهادتهم، ويا لبؤسها من إجتهادات..
أن أوهن الإئتلافات السياسية هي تلك التي تتشكل لدعم الحكومات، فهي لم تتشكل إلا في مواسم الحصاد، وهي إن عاجلا أو آجلا ستتقاتل على الغلة، لا سيما إذا كانت 6000 آلاف درجة خاصة، من مدير عام فصاعدا، لذلك فإنه سيكون ((بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون)).    
إن تغليف إعلان الإئتلافات بالشعاراتية؛ المغرقة بأهداف أكبر من حجم المؤتلفين، من قبيل (تحالفٍ سياسيٍ برلماني جماهيري كبير ينطلق من الدولة..يتحرك في فضاء الدولة..ويعود حاصل جهده الى الدولة..يدعم الدولةَ المقتدرةَ القويّةَ، ذاتَ السيادةِ الوطنيةِ، والارادة الجماهيريةِ الخالصة، بعيداً عن المحاصصات والأجندات الفئوية الضيقة، وخارجَ الصفقات المشبوهة والتفاهمات المؤقتة غير المجدية) أمر بكشف عن إستخدام فج لمصطلحات طوباوية، فلا الحجم السياسي، ولا الوجود الجماهيري، ولا العدد البرلماني (كبير) كما وصفوا، وهو ليس أكثر من إمتداد للمجموعة التي عارضت السيد عادل عبد المهدي، ولكنها بقيت متمسكة بمراكزها الحكومية وبمنافع الدولة..!
لقد أتقنا فن الاختلاف، للأسف، وافتقدنا آدابه والالتزام بأخلاقياته، فكان أن سقطنا فريسة التآكل الداخلي والتنازع الذي أورثنا هذه العملية السياسية الفاشلة، وأدّي إلى ذهاب الريح، قال تعالى: (ولا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46]
قول محامي؛ ناضلت اربع سنوات في المحاكم للحصول على قرار إفلاس لموكلي التاجر، لإسقاط ديونه التي عليه للناس، وعندما طالبته بأتعابي أعطاني نسخة من القرار..!

2/7/2020