×

أخر الأخبار

عراق اليوم : الامييون الجدد

  • 27-05-2020, 16:40
  • 301 مشاهدة
  • مازن صاحب

يعالج الآن دينو في كتابه ( نظام التفاهة) الفجوة المعرفية ما بين جيل اليوم والاجيال المقبلة ؛ منطلقا من عدم وجود ثوابت يمكن أن توقف العلم عن التطور نحو الأمام في عالم رقمي يتجدد في كل ساعة يوميا .
لعل هناك الكثير والكثير جدا مما يمكن الحديث عنه ضمن الأفكار المتجددة التي يطرحها الكتاب وربما تجاوزت مفاهيم كتب الفن توفلر عن حقبة التحول والموجة الثالثة والرابعة في عالم ما بعد الحداثة .. وكذلك ما سبق وأن نشره زببنغيو بريجنسكي في كتابيه ( بين عصرين) و( رقعة الشطرنج) لتفسير العلاقات الاستراتيجية الدولية خلال وما بعد الحرب الباردة .. ثم ظهور نموذج ( نهاية التاريخ) لفرانسيس فوكوياما الذي سرعان ما تراجع عنه في كتابة ( بناء الدولة) ويتقاطع مع طروحات صوموئيل هنتنغتون في نظرية ( صراع الحضارات) .
اكرر القول أن ما يطرحه ( نظام التفاهة) أعمق اجتماعيا واخطر في تحليل منهجي جديد للعلاقات الدولية .. ويفتح افاقا متجددة نحو المستقبل .. هذه الافاق هي ما يتطلب أن نتوقف عندها في مقاربة الفجوة الرقمية المعرفية بين عراق اليوم وما يمكن أن يكون عليه غدا .
المضحك المبكي أن الكاتب يشيع مصطلح ( الامييون الجدد) في وصف من لا يتقن اعادة توصيف العمل المجتمعي في التنشئة التربوية والتعليم الجامعي بما يحقق التقارب المفترض لسوق العمل الجديد في عصر التقانة الرقمية .. وبالتالي ( الامية السياسية) في التعامل مع مصالح الناخبين ضمن عقد اجتماعي دستوري لا يتغير قائما على قاعدة مساواة المنفعة الشخصية والمنفعة العامة للدولة .. منا يجعل وسائل الاتصال السياسي تتجاوز الانماط التقليدية وتتجه إلى خلق تفكيرا متجددا للشراكة المجتمعية الملتزمة في ركوب قطار حداثة لا يمكن وصفها بالموجة الخامسة لكونها تواصل التجدد في تقانة رقمية تجعل الحياة أسهل في بيت ذكي وسيارة ذكية .. وتعليم وعمل ذكيان .. هذا الأمر يمكن أن يؤدي الى الغاء الجغرافية الاجتماعية بثوابتها المعروفة والانتقال إلى جغرافية رقمية واقتصاد رقمي .. وأيضا إدارة رقمية للعلاقات الدولية .
كل ما تقدم كيف سيكون تطبيقه على واقع عراق اليوم؟؟
لست بصدد جلد الذات العراقية الجامعة والشاملة بل بالعكس أحاول أن أعرف أن سيكون موقعنا في عالم المستقبل اذا كان وصف ( الامييون الجدد) يطلق على من لا يتقن التواصل مع تطور التقانة الرقمية المعرفية؟؟
اعتقد ان المجتمع العراقي سيبقى متخلفا عن التواصل مع تطور التقانة الرقمية الا بالاستخدام السطحي لمخرجات هذه التقانة .. كما هو حال الانترنت والموبايل وربما هو الأكثر سوءا بسبب عدم التواصل التدريجي مع هذا التطور .. وبقاء الراي العام المجتمعي أمام موجات غزو التضليل والتجهيل لأسباب مرتبطة بمفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية للاحزاب المهيمنة على السلطة .
كل ذلك يزيد من فجوة المعرفة الرقمية مستقبلا ولن تحقق السياسات العامة للدولة أي نموذج حقيقي للحوكمة للمساواة بين المنفعة الشخصية للمواطن/ الناخب والمنفعة العامة للدولة العراقية بهوية وطنية عراقية جامعة شاملة .
هذا التحدي يزداد خطورة بسبب تحول استراتيجي مفترض للصناعة تغادر الوقود مثل النفط والغاز إلى نموذج متجدد لإدارة البيئة النظيفة .. مما يجعل فرضيات حلول تطبيقية عراقية للدولة الريعية المعتمدة على تصدير النفط أمام استحقاقات كبرى لاعادة صياغة الخطط الاستراتيجية الاقتصادية لعراق المستقبل المنظور لاسيما في التنمية المستدامة للموارد البشرية التي تزدحم اثقال الدولة ببطالة مقنعة غير منتجة أمام تطور هائل في نوع الانتاج الاقتصادي الرقمي!!
ومع ظهور تطبيقات ( نظام التفاهة) خلال وما بعد جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط .. لا أعتقد ان احزاب مفاسد المحاصصة متمكنة من بلورة استجابة مجتمعية واقتصادية سريعة لمواجهة تحديات الأسوأ ما بعد مرور جائحة كورونا وربما ظهور أنواع اخرى من الأزمات التي ارسم متغيرات مستقبل الاقتصاد الدولي .
كل ذلك يتطلب افاقا متجددة نحو فهم عراقي جديد للعلاقات الدولية في جغرافية رقمية واقتصاد رقمي يتجدد التأكيد بقناعة دولية على تطبيقاتها يوم بعد آخر .. .
شخصيا لا امتلك الا بارقة أمل في شباب ساحات التظاهرات لمنح عراق الغد دوره الحضاري الذي يغادر نموذج ( نظام التفاهة) نحو إعادة إنتاج عملية سياسية حقيقية تعتمد العقد الاجتماعي الدستوري للمساواة بين المنفعة الشخصية للمواطن الناخب والمنفعة العامة للدولة .. وهي مهمة تحتاج إلى وعي مجتمعي يبدأ أولا في تجديد الخطاب الديني لكافة المرجعيات الدينية العليا .. واعادة هندسة الاستثمار من اجل ردم فجوة المعرفة الرقمية مستقبلا .. ولله في خلقه شؤون!!