هو ليس العمل الدرامي الوحيد الذي يدعو للتطبيع مع الكيان الصهيوني، فقد سبقه مسلسل حارة اليهود الذي انتج في مصر عام 2015 والذي صور حياة اليهود في هذه الحارة وسط القاهرة بعد ثورة يوليو 1952 والذي أثار جدلاً في الشارع المصري وأرتياحاً في الأوساط الصهيونية، لدرجة أن السفارة الأسرائلية في القاهرة أبدت إعجابها بالمسلسل، والحجج هي ذاتها التي تبرر اليوم لانتاج مسلسل أم هارون، هي اننا نحترم جميع الأديان وليس لنا علاقة بأسرائيل وسياستها بالمنطقة، ولم أر في حياتي عربي مسلم لايحترم موسى أو يوسف وجميع أنبياء بني اسرائيل عليهم السلام، بل العكس نحن نقدسهم ولربما مسلسل يوسف الصديق أكثر مسلسل عرض في قنواتنا التلفزيونية، والكل مجمع على أن مشكلتنا مع كيان يحتل الأرض العربية.
والذي دعاني لكتابة هذا المقال هو منشور على السوشيال ميديا، ذكر أن قصة أم هارون أصلها عراقي ومن مدينة البصرة، فحاولت أن أتحرى عن صحة الخبر وأعرف من نشره أول الأمر، لاسيما وقد رافق المنشور صورة لأم هارون الحقيقية، فإذا كانت ذاكرة العراقيين تحتفظ بمن جاورهم مهما كان جنسهم أو لونهم أو دينهم لأنهم يحفظون الجار، فلا يمكن أن يكونوا قد احتفظوا بصورا لها خصوصا وندرة التصوير في ذلك العهد لأنه غير متاح كما هو اليوم في ظل تطور التقنية ووفرة الكاميرات.
فحاولت أن أتتبع أول من نشر الموضوع بما متاح لنا اليوم من خدمة يوفرها الأنترنت، فوجدت أن المعلومة أول ما نشرت على صفحة يهود العراق في يوم العاشر من نيسان أي قبل رمضان وقبل بث المسلسل بأسبوعين جاء فيها: ( مسلسل أم هارون يتحدث عن يهود الكويت، المنحدرين من أصول عراقية، والمعروفين منهم المبدعين الموسيقيين الأخوين داود وصالح الكويتي. المسلسل سيعرض في رمضان على شاشة MBC)، مما يعني أن الموضوع متابع من قبل وسائل الأعلام الصهيونية.
ولم ينشر في هذا المنشور أي صورة أو ذكر لأسمها الحقيقي أم شاؤول، وإنما نشره مع صورتها الصحفي الصهيوني مهدي مجيد على صفحته في تويتر، وبمجرد ما نشر الموضوع على صفحته حتى تلاقفته الصفحات الداعمة للتظاهرات وروجت له بشكل منقطع النظير، فحسب ادعاء الصهيوني مهدي مجيد في تغريدة لاحقة يقول: أن تغريدته أصبحت عالمية وقد تفاعل معها 700 مليون شخص، في حين أن عدد الأعجابات على التغريدة حتى وقت كتابة المقال هو 3142 واعادة التغريدة هو 690 فقط، ولكنه صهيوني ويدعي أنه كردي، وهو يكذب في ادعائه ولكنه يريد بهذا الأدعاء أن يجعل من كردستان قاعدة للتآمر والتخريب في المنطقة والعراق على وجه الخصوص، ولذلك يُمنع تواجد الجيش العراق في اقليم كردستان إلى اليوم.
ومهما بلغ من كذب مهدي مجيد الفاضح ومبالغته، ولربما تكون حكاية أم شاؤول مفتعلة وليس لها أساس من الصحة، فلم يؤكدها أحد المؤرخيين العراقيين أو ينفيها، ولكن نجح نجاحاً باهراً بتوظيف أعضاء لدعايته داخل المجتمع العراق بعضهم يدري بما يفعل ويستلم عليه أجراً بخساً، وبعضهم لايدري ولا يريد أن يدري بما يحصل، وما كان له أن يصل إلى هذا التفوق لو لا أدوات السفارة الأمريكية في بغداد فتواجدهم في كردستان كان منذ حركة ملا مصطفى البرزاني في زمن المرحوم عبد الكريم قاسم، ولم يصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم.
وعندي ملاحظة حول كلمة التطبيع مع الكيان الصهيوني، الموضوع أبعد من التطبيع، الكيان الصهيوني يدمج الأعلام بالسياسة الخارجية والعسكرية ليخرج بأستراتيجية كلية تحاول التفوق على العرب بدعم من الأمبريالي الغربي وزرع حالة اليأس والأحباط في الأنسان العربي.