×

أخر الأخبار

بوتين و كارلسون في (مقابلة القرن)

  • 16-03-2024, 20:53
  • 49 مشاهدة
  • عباس الجبوري

١-تاكر كارلسون صحفي وكاتب عمود ومذيع وناقد أمريكي يبلغ من العمر ٥٤ عاماً تجمع مقالاته وآراؤه بين الدعابة والتهكم والاثارات الشعبوية ويصنف سياسياً (محافظاً) الى حد العنصرية وتعتبر برامجه السابقة من أكثر البرامج مشاهدة في اميركا 


٢- كارلسون الاعلامي النشيط يتبنى مصطلح (القومية البيضاء) في الخطاب السياسي ويعتبر الرئيس الامريكي السابق ترامب مثالا لنظريته في الحاجة الى رئيس قوي 
وحاول رسم خارطة وملامح (للترامبية) في مجالات الهجرة والتطرف والسياسة والانعزال 

٣-استطاع كارلسون ان يؤثر على (ترامب) في احدى لياليه  عام ٢٠١٩ بعد أن اقنعه بخطاب (تجاري) ان لافائدة من عمله القادم فقرر ترامب(الغاء قرار  توجيه ضربة عسكرية ضد ايران)  وبرر ذلك (ان اسقاط طائرة مسيرة غير مأهولة ليس سبباً كافيا لضرب ايران) وكان ذلك قبل عشر دقائق من امضاء القرار 

٤- بعد ان تم طرده  قبل عام من قناة فوكس نيوز لاسباب متعددة وشكاوى عليه باشر نشاطه على أكس وخطط للعودة الى عالم الشهرة الاعلامية في مقعدها الاول  بضربة اعلامية من النوع الثقيل فكان له ذلك وقطف ثمارها برحلته الى  هناك الى قيصر الحرب(بوتين)فكان وكان 

٥-بعد عامين على حرب اوكرانيا ومحاصرة روسيا 
وصل كارلسون الى موسكو ليلاً فوجدها أكثر اضاءة وثلوجاً في بياضين لم يستطع ان يتغنى بهما لقلة (شاعريته) أو لانه كان مشغولاً بغرام الكرملين و(مغامرته)التي ستتعتب الحاسدين 

٦-لم يكن ينزل في فندق بعيد عن الساحة الحمراء المجاورة لقصر الكرملين بل قضى ليلته الاولى وهو يتأمل من نافذة غرفته بين حين وآخر  مشاهد السياحة الشتوية والزوار الذين تدثروا بالملابس المنتفخة وهم ينزلون او يخرجون من محطة المترو المقابلة ليتراموا بالثلج في مرح روسي مترف وكأن حرب اوكرانيا في كوكب آخر  مما ألقى على الروس الكثير من الاسترخاء واللياقات العامة 

٧-جلس كارلسون امام بوتين (المحترف) في جلساته وحركاته  كضابط (مخابرات) كيف ينتزع الاعترافات من جلسائه وزبائنه في ليالي الاتحاد السوفياتي التي لاتقبل الاعتراض مما سهّل على بوتين استرساله في تسديد اللكمات وتسجيل النقاط على وجه (الغرب)المتفاجئ من حركة بطل الجودو والكاراتيه وهو يسحب محاوره الى حيث يريد 

٨-خرج كارلسون منتشياً وهو يحمل في (اللقاء) وما ان دخل الفندق حتى أرسل عواجل اخبارية تدعو الجميع الى ترقب بث اللقاء مع بوتين الذي لم يحاوره صحفي غربي منذ حرب اوكرانيا وبمجرد ظهور العواجل حتى انهالت التهم وعبارات الشتم والقذف على كارلسون  حد اتهامه بالعمالة والخيانة لبوتين وازدادت الهجمة كلما اقترب وقت البث لتنتهي بهجمة رسمية من الحكومة الاميركية حيث قال البيت الابيض(ان هذه المقابلة غير ضرورية ) وقال كيربي المتحدث بإسم البيت الابيض (ان مافعله بوتين يجب ان يظهر للجميع ويطلعوا على وحشيته)
وقال آخرون ان المقابلة دعاية مجانية لحرب قذرة 
وهناك من الصحف من أطلق على المقابلة(مقابلة القرن) لانها قدمت النصف للاخر لرواية الحرب في اوكرانيا 

٩-بعد ٨ساعات من بث المقابلة حققت (١٥٤ مليون مشاهدة) وهو رقم ام تحققه اي وسيلة اعلامية في العالم وهنا انتصر كارلسون الاعلامي على فوكس نيوز  بشهرته  وعزى الفضل والنجاح الى بوتين حيث وصفه(كان صادقاً في التعبير عن رأيه)
وبرر كارلسون مهمته في موسكو ب(انها واجبنا ان نقدم للعالم المعرفة )
وتلك مهمة نبيلة على مر العصور 

١٠-بوتين القيصر اشتغل محاضراً في جامعة اميركية يسهب في التاريخ والجغرافية والاقتصاد والدولار والنبؤة في حتمية انتصار روسيا وخضوع اوكرانيا في استسلام قادم بعد ان تراجع الغرب واميركا في دعمهما لاوكرانيا بالمال والسلاح
أما فرنسا فيراها بوتين منفعلة برئيسها ماكرون ومتخبطة في طرح حلول وآراء غير صالحة للتطبيق والسبب في انفعال ماكرون هو ماتلقاه في دول أفريقيا التي تقافزت من قطار فرنسا القديم حتى في اساليب التحايل والسرقات 

١١-وهكذا خاطب بوتين الجمهور الغربي بوسيلة اعلام غربية لاعلامي قريب من ترامب القادم الى الحكم من جديد فحقق بوتين اصابات متعددة بحجر واحد أسقط مجموعة من العصافير الثرثارة التي لايحب سماع صوتها ترامب وهي تتراقص على زجاج نافذته المعتم 

١٢-كانت المقابلة أكبر من لقاء صحفي وأوسع من خطاب رئاسي وأرشق من درس جامعي 
جاءت المقابلة وجمهورها المليوني تصديقاً لسلطة الاعلام وذكاء اقتناص الفرص وتوقيتها لتكون درساً في الاعلام الجماهيري والتعبوي واختراق الجدران السميكة 
لاشك انها مهمة متعبة ولكن لذة الانتصار تمسح الاجهاد من رموش الساهرين وترمم المرهقين من سفر الكلمات والمسافات في السلم أو تحت القصف الكثيف


النائب عباس الجبوري 
 لجنة العلاقات الخارجية النيابية