كثير من غير المطلعين أو المنساقين مع حملات الاستغفال أو الذين يقيسون على حالة منفردة؛ يشكك بحركة المال الشرعي، وكيفية صرف أموال الخمس والزكاة والحقوق الشرعية التي تصل المرجعية، وما إذا كان فقراء الشيعة وأيتامهم ومرضاهم يستفيدون من هذه الأموال.
هذا المال الشرعي، ليس كله حقوق شرعية، كالخمس والزكاة مثلاً، بل كثير منه تبرعات طوعية من الموسرين والتجار ورجال الأعمال الشيعة في اوروبا والبلدان الخليجية والعراق والهند وايران، وليس فيه درهم واحد من الحكومات، وتقوم المرجعية بصرفه في موارده المعروفة، كالحوزات العلمية ومنتسبيها، والمؤسسات الدينية والمساجد والتبليغ الديني، والجامعات والمدارس والتعليم، والمؤسسات الصحية، والجمعيات الخيرية، وإعانة الفقراء والمرضى، وكفالة القصّر والأيتام، وهي قمة مظاهر التكافل الاجتماعي والديني، التي لايعرفها أي نظام اجتماعي ديني في العالم غير النظام الاجتماعي الديني الشيعي، حتى وإن أنكر ذلك بعض الغافلين أو أصحاب الأجندات المخاصمة.
مثالاً وليس حصراً، ما يقوم به الأب النجفي الزاهد الإمام السيستاني، من خدمات صامتة كبرى لإعالة عشرات آلاف الأسر العراقية المتعففة والفقراء والأيتام، وعلاج مئات آلاف الحالات المرضية، دون دعاية وإعلام وضحيج، وهي وحدها كفيلة بدحض كل ألوان التشكيك بانسيابية حركة المال الشرعي، وضرورة تراكم التبرعات، لأنها تذهب فعلاً الى مستحقيها.
المفارقة؛ إن هؤلاء المشككين يقيمون الدنيا ولايقعدوها إذا تبرع أمير أو تاجر خليجي لعلاج مريض عراقي، أو قدّم مساعدة لعائلة عراقية؛ فترى الصور وأفلام الفيديو والمنشورات تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تمجد بالمتبرع الخليجي، وتلعن العراق ونظامه وأهله ومرجعيته، لأنهم قصروا في مساعدة هذا المريض أو تلك الأسرة، لكنهم يتغافلون، عمداً أو جهلاً، عن ما تقوم به المرجعية من دعم ومساعدة ورعاية لملايين الشيعة، ليس في العراق وحسب، بل في كل بلدان العالم.
وبالتالي؛ فإن هذا التشكيك بعيد عن الواقع وعن طبيعة تصرّف المرجعية بالمال الشرعي، ويهدف الى خلق حالة من النفور من المرجعية والتقليد ورجوع المؤمنين الى المرجع في أمور دينهم ودنياهم، وتسفيه واجب تقديم استحقاقات المال الشرعي الى المرجع، وصولاً الى هدف ضرب النظام الاجتماعي الديني الشيعي العالمي، الذي تقف المرجعية على رأسه. والحال؛ إن هذه الاستحقاقات المالية الشرعية كانت ولاتزال قوام استقلال المرجعية والحوزة والنظام الاجتماعي الديني الشيعي العالمي عن تأثير ألاعيب السياسة والسلطة، وقوام التكافل الاجتماعي الشيعي، فضلاً عن كونها واجباً عبادياً على المكلف.
وبما أن الإنسان عدو ما يجهل غالباً؛ فأنصح من يريد التعرف على حجم المشاريع العملاقة والمساعدات والإعالات والإعانات التي تقوم بها المرجعيات الشيعية في العراق والعالم؛ مراجعة مكاتبهم لدقائق فقط. كما أنصح مكاتب المرجعيات بالخروج عن الصمت الإعلامي، وخاصة مكتبي المرجعين السيستاني والخامنئي، وتوضيح ما يقومان به في هذا المجال، وكيفية صرف الحقوق الشرعية والتبرعات.
*علي المؤمن*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة "كتابات علي المؤمن" الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64